حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف، ولا يجوز الطبع أو النشر أو التبادل بأي وسيلة دون الرجوع للمؤلف.
حزام ناسف
مسرحية
تأليف
السيد فهيم
شخصيات المسرحية حسب الظهور:
·
يوسف شاب فى الثلاثين
·
خالد
مدير المسرح
·
فرد أمن 1
·
فرد أمن 2
·
فرد أمن 3
·
الراقصة
·
الضابط
·
خبير المفرقعات
·
غريب شيخ تكفيرى
·
أمانى فتاة فى العشرينات
·
المرأة
·
الفتاة
·
المتسول
·
الملتحى
·
الأم أم يوسف
·
أسامة شاب فى مثل سن يوسف
·
فتلة صبى المقهى
·
جميل رجل أربعينى
·
بسيونى شاب فى الثلاثين
·
سلامة ابو أمانى – فى
الخمسين
·
العريس
شخصيات أخرى ومجاميع
اللوحة الأولى
( يُرفع الستار على استعراض غنائى راقص يعبر
عن روح البهجة ودور الفن والثقافة فى تنمية روح الوئام فى المجتمع وتعزيز الإنتماء
للوطن والرغبة فى البناء والتطوير )
( فجأة تحدث جلبة فى صالة الجمهور مما يضطر
الراقصين لقطع الاستعراض .. يظهر يوسف ملثما بين المشاهدين وقد كشف عن حزام ناسف
يحيط بجسده .. يصرخ بصوت جهورى مكبرا )
يوسف : الله اكبر ..
( يسرع رجال الأمن بالإحاطة به وشل حركته فى
حرفية بحيث يمنعونه من تفجير نفسه .. بين صراخ واضطراب العاملين بالمسرح )
فرد أمن 1: انت بتعمل ايه؟!
فرد أمن 2 : إرهابى؟!
فرد أمن 3 : نادوا الأستاذ خالد بسرعة .
فرد أمن 1 : ( للجمهور ) ما تخافوش يا
جماعة .. ما تخافوش .. كله تحت السيطرة ..
فرد أمن 2 : ( ليوسف بقسوة ) فوت قدامى يا إرهابى يا مجرم.
( يدفع يوسف بقسوة إلى الأمام حيث خشبة
المسرح )
راقص : نكمل ولا إيه يا أستاذ؟!
فرد أمن 1 : لما نشوف مدير المسرح هايقول إيه
؟!
( يدخل خالد بسرعة بادى الانزعاج )
خالد : فى إيه يا جماعة ؟! .. وقفتوا العرض
ليه؟!
فرد أمن 2: لقينا الجدع ده وسط الجمهور يا
فندم.
خالد : ( غاضبا ) تقوموا توقفوا
العرض؟!
فرد 1 : قام فجاة وراح مكبر يا أستاذ خالد.
خالد : ( مستنكرا بحنق شديد ) تقوموا توقفوا
العرض؟!
فرد 2: ما هو أصله كان متحزم يا فندم ..
خالد : ما يتحزم .. هوه حر .. تفاعل مع
الاستعراض يا أخى .. اندمج مع المزيكا .. اتسلطن من
حلاوة الأغنية .. وقفتو العرض ليه
الله يخرب بيوتكم ؟!
فرد3 : ما هو أصله متحزم بحزام ناسف يا فندم.
خالد : يا نهار اسود ... وسايبينه وسط الناس
دى كلها؟! .. انتو بتهرجوا.
فرد 2 : امال نوديه فين يا أستاذ؟!
خالد : أى حتة بعيد عن الجمهور .. انتو
عايزين تودونا فى داهية؟!
فرد 1: نوديه مكتب سيادتك؟!
خالد : مكتبى؟! ... ولو فرقع .. أبقى اقعد أنا فين؟!
فرد 3: نحبسه فى الحمام؟!
خالد : وافرض فجر نفسه جوه ... نبقى نتصرف احنا
ازاى بعد كده ؟!
فرد 3 : ممكن نتصرف مؤقتا فى حمامات الجامع
اللى جنب المسرح يا فندم.
خالد : ما أقصدش كده ... أنا قصدى نتصرف إزاى
مع مسؤلين الداخلية لما يسألونا؟!
فرد 2 : يبقى نربطه فى عامود، أو نكتفه
ونرميه قدام باب المسرح لحد ما ييجوا يستلموه.
خالد : إنت عايز بتوع حقوق الانسان يفضحونا
قدام العالم ، ويجرسونا فى وسائل الإعلام؟!
فرد 1:
أمال نوديه فين يا فندم؟!
خالد :
( يفرك جبهته – ثم بضجر ) خلاص .. سيبوه هنا لحد ما الشرطة تيجى تتصرف
معاه.
راقص : طب والعرض يا أستاذ ؟!
خالد : أنا اللى فى عرضك .. اسكت دلوقتى .. لِم
فرقتك واتفضلوا جوه ..
مش عايز حد ع الخشبة غير أفراد
الأمن وبس.
فرد 2 : طب والجمهور يا فندم؟!
خالد : رجعولهم تمن التذاكر وفضوا الصالة
فورا.
فرد 3 : ( مخاطبا الجمهور ) ما علش يا جماعة إحنا
آسفين جدا ... عندنا واحد متلغم
واحتمال يفرقع فى أى لحظة ..
فرد :
اتفضلوا يا جماعة من غير مطرود .. اتفضلوا ..
فرد 2 : الناس مش عايزة تمشى يا أستاذ خالد.
فرد 1 : عايزين يتفرجوا للآخر يا فندم .
خالد : يتفرجوا على إيه ؟! ما احنا لغينا المسرحية.
فرد1 : عايزين يتفرجوا على القنبلة وهيه
بتنفجر.
خالد : فال الله ولا فالك ... إن شاء الله مش
هاتنفجر.
( تدخل إحدى راقصات الفرقة فى دلال )
راقصة : أستاذ .. يا أستاذ ممكن أتصور مع الإرهابى سيلفى؟!
خالد : سيلفك؟!
الراقصة : سيلفى يا استاذ ... ما تعرفش
السيلفى؟!
خالد
: بتاعة بوز البطة ؟! .. وده وقته؟!
الراقصة : دى لحظة مش ممكن تتعوض تانى. ( تسرع للوقوف بجوار للتصوير معه )
خالد : والله
العظيم إحنا شعب مالوش حل .. بنقف نتفرج على القنبلة وهى بتنفجر .. مش كده
وبس .. وبنتصور معاها كمان.
فرد2 : ( فى انبهار طفولى وهو ينضم للصورة ) وأنا
كمان صورينى معاكى.
فرد3 : وأنا كمان.
خالد : يعنى هى جت عليا ؟! .. خدونى معاكم ..
( يلتقطون صورة سيلفى مع يوسف وهو لازال
ملثما )
خالد : ( للراقصة ) ورينى كده .. ( يتأمل
تليفونها ) حلوة .. نزليها بقى بسرعة ع الفيس بوك..
فرد 1 : أيوه .. ما نضمنش هانفرقع فى أنهى
لحظة.
خالد : قلت لك ما تفولش فى وشى .. إحنا عندنا
عيال عايزين نربيهم .. اتصلت بالشرطة يا
ابنى؟!
فرد 2 : على وصول يا أستاذ .. تلاقيهم
مزنوقين فى إشارة ولا حاجة.
خالد : ليه هما جايين راكبين ميكروباص؟! ... قولتولهم
عندنا إرهابى؟!
فرد 2 : أيوه يا فندم .. والخبر نزل ع الفضائيات
وعلى السوشيال ميديا كمان.
خالد : بجد؟! .. ما تنساش تعمل لى منشن ..
فرد 2 : حضرتك مبلكنى من شهرين يا فندم ..
يوم البوسط بتاع المكافأة .. ولا نسيت ؟!
خالد : خلاص .. خلاص انت هاتسَّيح .. مش عايز ..
خلينا فى المصيبة اللى احنا فيها دلوقتى .
( فجاة نسمع أصوات سارينة شرطة وجلبة .. يدخل
أفراد الشرطة تباعا يحاصرون الصالة ويطوقون الخشبة )
الضابط : ما حدش يتحرك ... كله يرفع إيده لفوق
.. المكان كله مُحاصر .
( الجميع يرفع يده أعلى رأسه بما فيهم خالد
وأفراد الأمن )
الضابط : فين مدير المسرح ؟!
خالد : أنا يا فندم.
الظابط : امال رافع إيدك ليه؟! .. نزل إيدك
.. فين بقى الإرهابى؟! .. ( بحماس ) استنى ما
تقولش .. ( يتأمل الجمهور بتمعن )
خالد : يا فندم .
الضابط :
( بضيق ) شوش ..
خالد
: ( هامسا ) ده الجمهور سعادتك.
الضابط : أيوه ما هو باين .. جمهور أهه
وقاعدين ع الكراسى وبيصقفوا ومبسوطين ..
( يتامل رجال الأمن وهم رافعين أيديهم فى استسلام ) فين بقى الإرهابى؟!
...
استنى ما تقولش .
خالد : دول رجال الأمن بتوعنا يا باشا ..
الضابط : ورافعين إديكم ليه ؟! .. نزلوا
إديكم مش عايزين تشتيت .. الإرهابى بس هو اللى
يفضل رافع إديه.
( يخفض رجال الأمن أيديهم ، يظل يوسف رافعا
يديه يشير إليه الضابط بتساؤل لخالد )
الضابط : هوه ده؟!
خالد : أيوه .. اللى متلتم ده سعادتك .. بسم
الله ماشاء الله .. الحس الأمنى عالى قوى عند
سعادتك.
الضابط
: ( صارخا لجنوده ومعاونيه ) اقبضوا عليه .. إوعوا تدوله
فرصة يتحرك ..
اثبت مكانك .. أى حركة هانفجر المكان باللى فيه .
خالد : يا فندم احنا جايبينكم عشان تفجروا
المكان ولا تنقذونا من المتفجرات؟!
الضابط : شوش .. فين خبير المفرقعات ؟!
الخبير : موجود يا فندم .
الضابط : شوف شغلك .
خالد : طب استأذن أنا حضرتك.
الضابط : رايح فين يا أستاذ ؟!
خالد : كنت واخد إذن بساعة بدرى ..
الضابط : مفيش أذون .. ما حدش يتحرك قبل
الخبير ما يبطل مفعول المتفجرات .
خالد : طب ممكن أروح مكتبى؟!
الضابط : قلت ما حدش يتحرك.
خالد : طب أروح الحمام.
الضابط : مش عايز اسمع نفس.
خالد : طب ممكن أتشاهد على روحى.
الضابط : شوش.
( الجميع يتأمل خبير المفرقعات وهو ينزع
الحزام من حول وسط يوسف – خالد وأفراد الأمن يضعون أيديهم على آذانهم من الخوف –
الضابط يصرخ لحظة نزع الحزام )
الضابط : الله أكبر.
خالد : إيه يا باشا هاتفجر نفسك انت كمان ولا
إيه؟!
الضابط : ( بسعادة ) فكينا
الحزام الناسف .
خالد : ( يتأمل الحزام الناسف ) الحمدُ لله ..
الحمد لله . ( يعانق الضابط بسعادة )
الضابط : بس لسه ما أبطلناش مفعول القنابل ..
خالد : ( يرفع سبابته ويهتف مرتعدا ) أشهد ألا إله إلا الله
.. وأن محمدا رسول الله .
( خبير المفرقعات يأخذ الحزام جانبا ويشرع فى
عمله بينما يصرخ الضابط فى جنوده آمرا )
الضابط : هاتولى الواد ده هنا ..
( الجنود يسرعون لجر يوسف إلى مقدمة المسرح
.. يلقونه أرضا وهو مطأطىء رأسه )
الضابط : ارفعو راسه لفوق .
( يجذبه جندى من الخلف ليرفع رأسه بينما
لازال جاثيا على ركبتيه )
الضابط : اكشفوا وشه .
( ينزع الجنود اللثام عن وجه يوسف ببطء ليظهر
وجهه جليا للجمهور تحت بؤرة مضيئة غير ملتحى يظهر عليه التصميم والثبات – موسيقى
مناسبة وتمر لحظات قبل أن يأتى صوت الضابط عميقا من الخلف )
الضابط
: اسمك إيه؟!
يوسف : يوسف.
الضابط : سنك وعنوانك؟!
يوسف : ......... ( صمت )
الضابط : سنك وعنوانك ؟!
يوسف : مفيش ..
الضابط : يعنى إيه؟!
يوسف : من يوم ما اتولدت .. وأنا ميت بالحيا.
الضابط : بتشتغل إيه؟!
يوسف : مُجاهد .. مُجاهد فى سبيل الله.
إظلام
اللوحة الثانية
( يتخلل الإظلام صوت الضابط فى صرامة وقسوة ، وصوت يوسف خائفا متألما فى حوار قصير قبل بداية المشهد – بلاى باك )
الضابط : ما انت لازم هاتنطق .. وتقولنا حكايتك إيه بالظبط
.. وإلا ..
يوسف : لأ .. خلاص .. خلاص هاتكلم .. هاتكلم يا باشا .
الضابط : أيوه كده .. احكيلنا بقى .. مين اللى وراك ؟!
.. وجبت الحزام الناسف ده منين ؟!
يوسف : الشيخ غريب.. الشيخ غريب هوه اللى لبسهولى.
( إضاءة تدريجية شاحبة .. يبدو المكان مهجورا كمغارة أو كهف فى بطن جبل ..
يظهر غريب مرتديا جلبابا أبيضا قصيرا تحته بنطلون أبيض قصير ، ويضع على رأسه شالا
أبيض يتدلى على جانبى لحيته الكثيفة المدلاة حتى كرشه الضخم ... يوسف يقف أمامه
يرتدى نفس الملابس فى المشهد الأول لكن له لحية سوداء كثيفة .. يعاونه غريب فى
ارتداء الحزام الناسف "
يوسف : إيه ده يا مولانا؟!
غريب : ده سبيلك
إلى الجنة ... مع الشهداء والصديقين والأنبياء.
يوسف : مش فاهم يا مولانا !
غريب : ده حزام
ناسف .
يوسف : إيه ؟! .. يا نهار إسود !
غريب : إهدا يا يوسف ... مالك ؟! .. اتخضيت كدا ليه ؟!
يوسف : امال عايزنى أرقص ؟! .. بتقول حزام ناسف ؟! ...
ناسف يا شيخ غريب ؟!
غريب : إهدأ يا يوسف .. إهدأ .. ( بلين مصطنع ) هذا الحزام سوف يُبدَّلُ يوم القيامة
بحزامٍ
من
نورٍ وزبرجدٍ .. وتفوح منه رياحينُ
الجنان.
يوسف : جنان إيه!! .. والنبى ما هى طالبة جنان .
غريب : ( بصرامة ) وبعدين معاك يا أخ يوسف ... ده بدل ما
تزقطط وتطير من الفرحة .
يوسف : هاطير .. هاطير يا شيخ غريب .. كلنا هانطير ( ثم برعب ) بس متفرتكين ميت حتة .
غريب : ما تخافش .. لسه ما وصلناش السلوك بتاعة دائرة
التفجير .
يوسف : طب ممكن نتكلم الأول قبل ما تلمسوا السلوك؟!
غريب : مش وقت كلام يا شيخ يوسف .. الوقتُ يدهمنا .
يوسف : طب كلمة واحدة بس.
غريب : ليس هناك أجملُ من كلمةِ الشهادة ...
يوسف : أشهدُ ألا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ..
بس هيه حبكت دلوقتى؟!
غريب : ده شرف أى أخ يتمنى أن يناله .
يوسف : طب ما تنوله إنت يا مولانا ... وتبقى تشفعلنا
هناك فى الجنة .. واحنا نبقى نحصلك
على
مهلنا بعد عمر طويل .
غريب : قُضى الأمر .. لقد وقع الاختيارُ عليك .. ( صارخا فى مبالغة ) أبشر يا يوسف .
يوسف : ( برعب ) إيه ؟ .. هافرقع دلوقت؟!
غريب : الليلة .. ستزفك الملائكةُ على سبعينَ عروسٍ من
الحورِ العين .
يوسف : سبعين ؟! .. دول عايزين عنتيل يا مولانا .. وأنا
غلبان .. مش عايز من الدنيا دى
كلها
غير واحدة .. واحدة بس .. بس لو أبوها يوافق ..
غريب : ( فى عتاب وغضب ) بتفكر فى
النسوان يا أخ يوسف؟!
يوسف : نسوان مين يا مولانا ؟! ... هيه واحدة بس مفيش
غيرها .. أمانى .. بنت الصول
سلامة
.. حُب عمرى اللى اتحرمت منه .
( تظهر أمانى فى بؤرة مضيئة تنادى يوسف فى لهفة وشوق – فتاة جميلة غير محجبة )
أمانى : يوسف .. حبيبى
يوسف : أمانى؟!
( يتجه نحوها يوسف بلهفة بينما ينسحب غريب من المشهد ليدور الحوار التالى
بين يوسف وأمانى )
أمانى : اتاخرت
ليه يا يوسف ؟!
يوسف : أنا عمرى ما أتأخر عليكى يا أمانى .
أمانى : إيه ده
؟! .. انت ربيت دقنك؟! .. وإيه اللى انت لابسه ده؟! .. انت اتحجبت يا يوسف؟!
يوسف : عن اقتناع والله .. ياسلام لو ربنا يهديكى انتى
كمان !
أمانى : إيه يهديكى دى ؟! .. يعنى شايفنى معفرتة؟! ...
الملافظ سعد يا شيخ يوسف.
يوسف : ما اقصدش يا أمانى .. أنا قصدى تلبسى الحجاب عشان
ربنا يرضى علينا وندخل مع
بعض
الجنة .
أمانى : مش لما ندخل مع بعض الدنيا الأول نبقى نفكر فى
الجنة!
يوسف : نعمل إيه لأبوكى؟! .. لا طايقنى ولا طايق يشوف
وشى.
أمانى : بيقول عليك صايع ..
يوسف : الله يسامحه
أمانى : وضايع ..
يوسف : الله يسامحه
أمانى : وشحات
ومعفن ومش لاقى تاكل
يوسف : الله يهده .
أمانى : ما هو عنده حق يا يوسف .. تقدر تقول لى إنت
بتعمل إيه فى دنيتك؟!
يوسف : باعمل لآخرتى .. باصلى الفرض بفرضه .. وباصوم
اتنين وخميس.
أمانى : ما
أبويا كمان بيصلى الفرض بفرضه .. وبيصوم عاشورا ووقفة عرفات .. ومع ذلك
شغال
فى الداخلية وعمره ما غاب عن شغله ولا اتأخر حتى.
يوسف : الداخلية بلطجية .
أمانى : بتقول إيه؟!
يوسف : ( بفظاظة وتجهم ) ومالهم حرام .. وعيشيتهم حرام فى
حرام .. هه .
أمانى : يا أخى حرمة عليك عيشتك ... انت جبت الأفكار
السودة دى منين ؟!
يوسف : من الشيخ غريب ..
أمانى : ما غريب إلا الشيطان.
يوسف : لا .. كله الا الشيخ ابليس .. قصدى غريب .. إياكى
تغلطى فى فضيلته.
امانى : ومالك محموق عليه كده ليه ؟! .. يكونش من بقيت أهلك؟!
يوسف : أهلى وعشيرتى كمان .. اغلطى فى أى حاجة فى الدنيا
إلا الجماعة.
أمانى : ما كنتش
كده يا يوسف .. إيه اللى حصل لك؟!
يوسف : عرفت
الدنيا على حقيقتها .. لا تساوى عند الله جناح بعوضة .. مش عارف الناس
ملهوفين على إيه ؟! .. مسعورين على إيه ؟! ... مع إن كل شىء زايل .. لا أبوكى
هاينفعه مهرك اللى بيستهبل فيه .. ولا امك هاتنفعها الشبكة أم أولوفات .. ولا
أنتى
هاتلحقى تدوبى الخمس أوض اللى انتى طالباهم .. ثم انا لاقى شقة أوضة وصالة
عشان
أفرش خمس أوض؟! .. ياناس اتقوا ربنا بقى
وبطلوا افترا .. الشباب تعبان .
أمانى : ( بأسف ) اتغيرت يا يوسف.
يوسف : ( فى دروشة ) سبحان من يُغير ولا يتغير ..
أمانى : وحبك
ليا .. برضه اتغير؟!
يوسف : ( منتبها ) لأ .. أهو ده الحاجة الوحيدة اللى ما ليش عليها
سلطان .
أمانى : ( فى سعادة ) بجد يا يوسف؟!
يوسف : تحبى اثبت لك ؟!
أمانى : إزاى؟!
يوسف : ( يغمز بعينه ) تعالى وأنا اقولك ..
( يهجم عليها يوسف محاولا أن يحتويها بين
ذراعيه لكن أمانى تنفلت من بين يديه وهى تضحك فى دلال حتى تختفى من المشهد .. يوسف
يحتضن الهواء يفيقه صوت غريب يهتف فى انفعال مبالغ فيه )
غريب : استغفر الله العظيم .. أستغفرُ الله
العظيم .. حب إيه ومسخرة إيه يا شيخ يوسف .. اتق
الله
.. اتق الله .. اترك الدنيا الملعونة ( ثم بلين مفاجىء
) وفكر فى الحور العين ..
وجمال
الحور العين .. وحلاوة الحور العين .. بذمتك .. بقى الحورُ العين، أم بنات
حواء
الملاعين ؟!
يوسف : جرى إيه يا مولانا ؟! ... ما انت متجوز من
الملاعين دول أربعة .. ولا حلال عليكم
حرام
علينا ؟!
غريب : ( بطفاسة ) ربنا قال ولا تنس نصيبك من
الدنيا.
يوسف : أيوه .. أهو أنا بقى عايز نصيبى من الدنيا دى ..
قبل ما تبعتونى ع الأخرة إدونى أى
حاجة أبر بيها نفسى .. ولا عايزنى أدخل ع الحور
العين وأنا لسه غشيم .. عديم
الخبرة ؟! .. ده حتى شكلكم يبقى وحش فوق يا مولانا.
غريب : بسيطة .. عايز تتجوز يا أخ يوسف ؟!
يوسف : ياريت .
غريب : نجوزك يا سيدى .. ما أكثر الاخوات المتطوعات.
يوسف : متطوعات إيه يا مولانا ؟! .. هوه أنا رايح أحارب ؟!
غريب : ( صارخا بانفعال ) امال إيه؟! .. إنه الجهاد يا أخ يوسف .. الجهاد .. جهاد
النكاح .
يوسف : الله
اكبر ... أيوه كده .. الله يفتح عليك يا مولانا .. أهو ده الكلام .. مش تقول لى
فجر
نفسك
.. وحزام ناسف .. وعربيات مفخخة .. والكلام
اللى يودى ع الآخرة حدف ده
إحنا
عايزين نخش دنيا .
غريب : الليلة
كتب الكتاب والدخلة ..
يوسف : أهو ده الكلام ..
غريب : وغدا بإذن الله ستشرعُ فى تنفيذ مهمتك الفدائية.
يوسف : إيه الكروتة دى ؟! .. مفيش شهر عسل؟!
غريب : بدعة .
يوسف : طب فترة خطوبة نتعرف فيها على بعض !
غريب : لا يجوز
..
يوسف : طب خلوة شرعية !!
غريب : جرى إيه
يا أخ يوسف؟! .. هيه بنات الناس لعبة؟! ... مش كفاية انها هاترضى تعيش
بعدك
أرملة حتى تلقاك يوم القيامة فى جنة الخلد إن شاء الله ؟!
يوسف : تصدق عندك حق .. طب سؤال أخير .. بالنسبة للحزام الناسف
ده؟!
غريب : ماله ؟!
يوسف : يعنى .. ما يصحش أدخل على عروستى وأنا متحزم بديناميت
يا مولانا .
غريب : ما تقلقش ... ( يهمس ليوسف بخطورة ) هى كمان هاتكون
متحزمة.
يوسف : متحزمة بإيه؟!
غريب : ( مازحا وهو يغمز بعينه ) تعالى وأنا اقولك.
إظلام
اللوحة الثالثة
( نفس المنظر السابق - نسمع صوت الضابط بلاى باك مع يوسف أثناء التحقيق –
يمكن عرض ظليهما خلف شاشة سلويت أو تجسيد الحوار فى حيز من الخشبة بحيث يظهر الضابط
فى مواجهة الجمهور بينما شبيه ليوسف جالس على كرسى موثق اليدين خلف ظهره وفى
مواجهة الضابط بحيث لا يظهر وجهه للجمهور - أو كما يترائى للمخرج )
الضابط : وبعدين يا يوسف .. كمل .
يوسف : ولا قبلين يا باشا .. جهزوا العروسة
والشيخ غريب كتب الكتاب .
الضابط : أيوه .. وبعدين ؟!
يوسف : وعلا الجواب ..
الضابط : أيوه .. وبعدين؟!
يوسف : وبعدين إيه يا باشا؟!
الضابط : إحكى لنا ..
يوسف : على إيه بالظبط؟!
الضابط : ع اللى حصل .. وبالتفصيل الممل .
يوسف : الممل؟!
الضابط : أيوه .. بالتفصيل الممل ..
يوسف : طب ما تشوفوا الفيديو أسهل يا باشا.
الضابط : ( بلهفة ) فيديو ؟!
يوسف : أيوه ... ما احنا عملنا الفيديو ده
مخصوص عشان يتذاع بعد كده ع اليوتيوب.
الضابط : يا راجل !! ... مش تقول كده م الصبح
؟ .. شغلوا الفيديو .
( إضاءة على يوسف مرتديا حزامه الناسف وفى يده مصحف وخلفه علم
أسود كتب عليه لا إله إلا الله – أحد أفراد الجماعة يصور بكاميرا ديجيتال وغريب
يقف خلف الكاميرا حاملا لوحة كرتونية مكتوب عليها البيان الذى يقرؤه يوسف )
يوسف : بسم الله والصلاة والسلام على رسول
الله، أنا المجاهدُ فى سبيل الله يوسف عبد ال..
غريب : ( مقاطعا بضيق ) استووووب.. أبو مصعب ... اسمك أبو مصعب المصرى .. اقرا
اللى مكتوب هنا بالظبط .. وبلاش تحريف .
يوسف : حاضر يا مولانا .. أصلى متاخد حبتين .
غريب : لا .. إحنا عايزينك تظهر قوى الشكيمة ..
رابط الجأش .. أسدٌ مغوار .. فرحٌ مسرور
مستبشر بالجنة إن شاء الله .
يوسف : أمرك يا مولانا .. طب مش كنتوا
تبحبحوا الحزام ده شوية .. بدل ما هو كاتم على
نفسى كده ؟!
غريب : لا .. إوعى تقرب من الحزام ... سيبه
زى ما هوه .. وساعة التفيذ ما عليك الا انك
تسحب صمام الأمان ثم تضغط زر التفجير .. وتنتقل بسلام الله وأمنه إلى
السموات العلى.
يوسف : طب لو اتزنقت فى الحمام ؟!
غريب
: امسك نفسك يا شيخ يوسف .. دى فركة كعب وهاتعملها.
يوسف : ( يغنى بتلقائية ) وقوم نادى ع الصعيدى
وابن أخوه البورسعيدى ..
غريب : ( مقاطعا فى غضب ) استغفر الله العظيم ...
لا تردد غناء الكفار يا أخ يوسف .. ولا
تهدر وقتنا فى لهو الحديث .. يلا ... ( للمصور ) استعد بالكاميرا يا أخ برناردو
..
أكشن .
يوسف : طب وده مش كلام كفار برضو يا مولانا
؟! .. هما أيام الهجرة كانوا بيقولوا كده؟!
غريب : يا بنى ما تضيعش وقتنا ... هو أيام
الهجرة كانوا اخترعوا الحاجات دى؟! ..
( ثم صارخا ) ثرى .. تو .. وان ... أكشن ..
يوسف : أنا المجاهد فى سبيل الله أبو مصعب المصرى
.. الشهير بيوسف عبد الحق .
غريب
: إيه .. إيه اللى بتقوله ده ؟! ... انت
أبو مصعب المصرى وبس .. مفيش يوسف
..
يوسف ده خلاص .. بح .. اعتبره فوتوشوب واتمسح .. انت دلوقتى أبو مصعب
المصرى .. ده اسمك الحركى اللى
لازم العالم كله يردده بعد استشهادك إن شاء الله .
يوسف : حاضر يا مولانا .. اللى تشوفه ..
فوتوشوب فوتوشوب .. يعنى هى جات على اسمى؟!
ما حياتى كلها طلعت فوتوشب .. (
للمصور ) جاهز يا شيخ بلياردو؟!
غريب : مالكش دعوة بيه ... ركز فى المكتوب ع
اللوحة وبس ... اكشن.
يوسف : أنا أبو مصعب المصرى .. أعلن وكلى أمل
فى لقاء ربى الليلة بمشيئة الله وقد أديت
واجبى تجاه دينى على الوجه الأكمل .. وقمت بمهمتى الأسمى .. وهى الجهاد فى
سبيل الله .. من أجل نصرة الحق .. بتفجير نفسى
بحزام ناشف ..
غريب : ناسف يا يوسف ... جبت التلات نقط منين ..
يوسف : أصل ريقى ناشف يا مولانا .. وعنيه مزغللة.
غريب : من أثر الصيام ..
يوسف : يعنى لازم تموتونى هفتان؟!
غريب : لابد أن تلقى ربك صائما ... ستفطر فى
الجنة مع الصحابة والصديقين والشهداء .
يوسف : هوه المدفع بيضرب عندهم امتى؟!
غريب
: أول ما الحزام يضرب فيك على طول .. ستشعر بحلاوة أنهار الجنة فى حلقك ..
يلا
بقى .. أكشن.
يوسف : سأفجر نفسى بحزام ناسف .. سينفجر فى
بلاد الكفر والكفار .. وسيقوض دولة الظلم
على رؤوس الظالمين ... الله اكبر .. الله اكبر .. ما أروع الشهادة فى سبيل
الله.
غريب : حلو .. حلو قوى .. انزل بقى بصليل
الصوارم .
( يتردد نشيد صليل الصوارم الشهير بتنظيم
داعش – ويظلم المسرح بينما يظهر ظل يوسف والضابط خلف السلويت – أو كما فى بداية
المشهد - الصوت مسجل بلاى باك )
الضابط : ايه ده ؟! .. هو ده الفيديو؟!
يوسف : أيوه يا باشا ... أمال سعادتك كنت
متوقع إيه؟!
الضابط : انت مش قولت إنهم جوزوك ؟!
يوسف : لأ .. ما ده ما ينفعش يتذاع يا باشا .. دى أعراض ناس.
الضابط : يعنى خايفين على أعراض الناس .. ومش
خايفين على أرواحهم ؟! .. كمل .. تفاصيل
المهمة اللى كلفوك بيها .. كلمة كلمة .. وحرف حرف.
( يظلم السلويت وتضاء بؤرة على غريب ويوسف
مرتديا عباءة بيضاء تحتها الحزام الناسف وعلى رأسه شاله الأبيض )
غريب
: هاتفجر نفسك فى أى تجمع للكفار الملاعين ..
يوسف : وأنا هلاقيهم فين دول يا مولانا ؟!
غريب : ما أكثرهم فى هذا الزمن .. زمن الفتن
المتراكمات كقطع الليل المظلم .
يوسف : أيوه يعنى هاروح لهم إزاى؟! .. مافيش فيزا؟! .. تذكرة ؟! .. ولا هاسافر لهم
راكب
ناقة؟!
غريب : انت بتسخر من التعليمات يا أخ يوسف؟
يوسف : ما أنا عايز أفهم .
غريب : مش لازم تفهم ..
يوسف : عشان أعمل لكم شغل مظبوط .
غريب : نفذ الأوامر وبس .. أهم شىء عندنا
السمع والطاعة .
يوسف : من غير ما أفهم؟!
غريب : ( بصرامة ) ومن
غير نقاش .
يوسف : أمرك يا مولانا .. السمع والطاعة.
غريب : هاتخرج من هنا وانت لابس الحزام
الناسف تحت هدومك ..
يوسف : لبسته يا مولانا ..
غريب : كاشف وجهك
.. ( ينزع عن يوسف الشال الأبيض )
ترتدى ملابسهم .. ( ينزع عنه العباءة لتظهر ملابس كاجوال تحتها الحزام )
تشبههم تماما .. ( ينزع لحية يوسف )
يوسف : اللحية ؟!
غريب : حتى لا ينكشف أمرك .. وتتم مهمتك
بنجاح.
يوسف : برضه لسه ما فهمتش ... هافجر نفسى
فين؟! .. وفى مين يا مولانا ؟!
غريب : ( بلهجة قاسية رهيبة ) قلنا فى الكفار ...
الكفار .. أعداء الله وأعداء الدين .
إظلام
اللوحة الرابعة
( سوق فى حى شعبى – الصورة مثبتة فيكس كادر
على الباعة الجائلين ورواد السوق من رجال ونساء وغلمان – زاوية أو مسجد صغير يظهر
فى الخلفية - صوت غريب بلاى باك أثناء ثبات
المشهد )
ص. غريب : عايزينك تفجر نفسك فى مكان زحمة ..
فيه ناس كتير .. وفى نفس الوقت يكون
بعيد عن عيون رجال الأمن وعساكر
الداخلية.
ص. يوسف : بس كده ؟! ... ده مافيش فى بلدنا أكثر
من الشوارع الزحمة والعشوائيات ..
والأسواق الشعبية .
( تبدأ الصورة فى الحركة ويبدا ضجيج السوق
يتصاعد )
بائع 1 : مجنونة يا قوطة ..
المتسول : لله يا محسنين .. لله
الملتحى : تبرعوا لبناء مسجد بشبرا ..
بائع 2 : بجنيه ونص .. تعالى بص
بائع 3 : يلا .. عليه العوض .. عليه العوض ..
خلى الغلابة تعيش.
(
يظهر يوسف يسير حليق الوجه بحذر وهو يتحسس الحزام المستتر تحت ملابسه – يمسك
تليفونه المحمول يحادث غريب )
يوسف : أيوه يا مولانا .. أنا داخل ع السوق أهو
.
ص. غريب : على بركة الله .. ما تنساش تكبر
قبل ما تدوس على زر التفجير.
يوسف : أمرك يا مولانا ..
( يتقدم ليصبح فى
منتصف المسرح يمسك زر التفجير )
يوسف : بسم
الله الرحمن الرحيم .. توكلنا على الله .. ( صارخا ) الله اكبر.
( قبل أن يضغط زر
التفجير يفاجأ باندفاع مجموعة من الناس حاملين اسطوانات بوتاجاز فارغة على أكتافهم
قاطعين خشبة المسرح من أقصى اليمين حتى يختفون جميعا فى أقصى اليسار وهم يهتفون )
الجميع : أنابيب
.. أنابيب .. وسع يا جدع .. إجرى ياد بسرعة ..
( يسقط يوسف من أثر
اندفاعهم – ينهض بعد اختفائهم فى ضيق .. يبحث عن تليفونه )
يوسف : أيوه
يا مولانا .. لأ لسه ما دوستش .. أمال انا باكلمك دلوقتى ازاى؟! .. هيه الجنة
فيها شبكة؟! .. أيوه .. هادوس أهه
... ( صارخا ) الله أكبر .
( يفاجأ بمجموعة
اخرى من الناس تجرى وراء لا أحد وهم يهتفون )
الجميع :
حرامى .. حرامى ..
( يسقط يوسف مرة
أخرى .. ينهض فى ضيق )
يوسف :
وبعدين معاكم بقى فى يومكم اللى مش فايت ده .. عايزين نفجر نفسنا على رواقة.
( يتهيأ للضغط على
زر التفجير )
يوسف : الله
أكبر..
( يفاجأ بامرأة تصرخ جواره فجأة وهى تدفعه فى ضيق وغضب )
المرأة : الله
اكبر على كل ظالم ومفترى .. إوعى كده من وشى .. هيه ناقصاك انت كمان؟!
يوسف :
الله؟! .. فى إيه ياست انتى .. حد كلمك؟!
المراة : ( باكية ) منهم لله ولاد الحرام ... سرقوا فلوس الجمعية ..
يوسف : طب
وأنا مالى؟!
المرأة : عشر
شهور وأنا باسدهم قسط قسط .. لحد ما
قبضتهم امبارح.
يوسف : وكمان
قابضاها الآخير؟!
المرأة : مش
أحسن ما أمد إيدى للناس ؟! .. با حوّش عشان أجيب جهاز البت .. وفى الآخر
سرقوهم منى ولاد الحرام .
يوسف : وانتى
إيه اللى جابك السوق بالفلوس لواحدك ؟!
امرأة : نصيبى .. ماليش حد فى الدنيا دى كلها غير
المرحوم جوزى.
يوسف : الله
يرحمه .. طب وهوه المرحوم ما جاش معاكى ليه ؟!
امرأة : انت بتتريق ... شكلك كده حرامى وواقف تدور لك
على صيدة انت راخر .. أنا مش
هاسيبك غير لما تدلنى ع اللى سرقوا
الفلوس منى . ( تهجم عليه )
يوسف : وسعى
يا وليه يا مجنونة .. لا الحزام يفرقع فيكى .
المرأة : مش
سايباك غير فى القسم .
يوسف : قسم
إيه يا ست انتى .. عليا النعمة أدوس ع الزرار أبعتك للمرحوم ديلفرى .
المرأة : ( تصرخ وهى تتشبث
بيوسف ) حرامى .. حرامى ..
يوسف : يادى
الوقعة .. حرامى إيه يا ست انتى .. أنا شوفتك قبل كده؟!
( يتجمع الناس حول
يوسف - يوسف يتأهب للضغط على الزر )
المرأة :
حرامى .. حرامى ..
أصوات :
امسكوه .. اوعوا يفلت منكم..
يوسف : وسع
ياد انت وهوه ... إياك حد يقرب منى .. هاقلبهالكم جهنم الحمرا فى ثانية.
أصوات : يا
حول الله
مجنون ده ولا إيه؟!
بيقولوا حرامى
الناس جرالها ايه ؟!
الدنيا راحت فى داهية
يوسف : اللى هايقرب منى هافرتكه هوه واللى جابوه .. أنا
حذرتكم .
المرأة :
وأنا مش سايباك غير فى القسم .. اوعوا تسيبوه .. امسكوه.
يوسف : ( يصرخ وهو يستعد
للتفجير ) انتو اللى جبتوه لنفسكم ... ( صارخا ) الله أكبر .
( تظهر الفتاة وهى
تهرول من الخارج منادية )
الفتاة : أمه
.. يا أمه .. لقيت الفلوس يا أمه .
يوسف : الحمد
لله .. انكتب لكم عمر جديد..
المرأة : برضه
مش هاسيبك إلا فى القسم ..
يوسف : يا
وليه سيبى الحزام ..
المرأة : مش
هاسيب.
الفتاة :
فلوس الجمعية أهى يا أمه ..
يوسف :
بتقولك لقت الفلوس !!
الأم : إنت
الحرامى اللى سرقتنى .
يوسف : يا
ولية .. سيبى الحزام لايفرقع ..
الأم : برضه مش هاسيبك غير فى القسم.
يوسف : يا
وليه انتى ما صدقتى .. حد يكبر فى ودانها ولا يقرمها من كيعانها خلوها تفك عنى.
الفتاة : يا
أمه أنا لاقيت الفلوس يا امه .. لاقيت الفلوس ..
المرأة : بتقولى
إيه يا بت؟! .. لاقيتى الفلوس .. بجد .. لاقتيهم فين يا بت؟!
الفتاة : كنا
ناسيين البوك عند بتاع الستاير .. والراجل ربنا يستره شالهم معاه لحد ما رجعت له
تانى .
المرأة :
الحمد لله .. يا ما انت كريم يارب ..
أصوات : المال
الحلال عمره ما يضيع ..
الدنيا لسه بخير ..
يوسف : اطمنتى
على فلوسك يا حاجة؟!
المرأة :
ماعلش يا بنى .. حقك عليا .. والنبى ما تزعل منى .
يوسف : لا
تزعلى منى ولا أزعل منك .. روحى بقى كملى
جهاز بنتك .. قبل ما السوق يولع
باللى فيه .
المرأة : يلا
يابت عشان نلحق نجيب بقيت الحاجات .. بيقولك الدولار هايولع .
( تخرج المرأة وهى
تطلق زغرودة ممطوطة بسعادة وبصحبتها الفتاة
)
يوسف : دولار
إيه يا وليه .. انتى فهمتينى غلط .. فى حاجات تانيه هاتولع دلوقتى.
المتسول : ( يقترب من يوسف
فجأة صارخا بتمسكن ) لله يا محسنين ..
يوسف : ( بضيق ) الله يسهلك ..
المتسول : ساعدوا
راجل عاجز ينوبكم ثواب.
يوسف : عاجز إيه يا عم .. ما انت زى الفل أهو ؟!
المتسول : طب
حاجة لله..
يوسف : يحنن ..
المتسول : طب
ما تستفتحنا ينوبك ثواب دنيا وآخرة .
يوسف : استفتحك
إيه يا راجل انت؟! .. محسسنى انك فاتح صالون حلاقة .. ده انت بتشحت.
المتسول : مش
أحسن ما أمد إيدى؟!
يوسف : يعنى
أنت دلوقتى مادد رجليك؟!
المتسول :
أكل عيشى يا أخى .. انتوا لا ترحموا ولا تخلوا رحمة ربنا تنزل .. مش أحسن ما
نسرق ولا ننهب؟! .. ( منصرفا ) لله يا محسنين .. لله.
الملتحى : ( يفاجيء يوسف ) تبرعوا لبناء مسجد بشبرا .. تبرعوا لإقامة بيت لله .
يوسف : يا
راجل !! .. ده انت بتلمله من وأنا فى
تالتة ابتدائى !
الملتحى : مش
أنا .. ده كان أبويا الله يرحمه ..
يوسف : يعنى
أبوك مات والبرج لسه ما اتبناش؟! ... قصدى الجامع؟!
الملتحى :
تبرعوا لبناء برج بشبرا ... يووه .. انت ها تلخبطنى ليه ؟!
يوسف : وبعدين أنا نفسى أفهم .. اشمعنى شبرا دونا عن
كل المناطق الشعبية؟!
الملتحى :
وأنا ايش عرفنى .. من يوم ما وعيت ع الدنيا والناس كلها بتلم لشبرا ..
يوسف : وانت اصلا منين؟!
الملتحى : من
حلوان .
يوسف : من حلوان وبتلم فلوس لشبرا؟!
الملتحى :
وانت مالك انت يا حشرى ؟! .. سيبنى بقى أشوف أكل عيشى ..
( منصرفا ) تبرعوا لبناء مسجد بشبرا .
يوسف : أكل
عيشك ؟! .. هوه النصب بقى أكل عيش .. والشحاتة بقت أكل عيش .. والسرقة
بقت
أكل عيش ؟! ... والظلم اللى عينى عينك .. والافترا والبلطجة بقت أكل عيش؟!
أمال مين فى البلد دى اللى ها ياكلها بالحلال ؟! .. لما كلكم
بستسهلوا الحرام
وتستهبلوا على بعض .. وتضحكوا على
خلق الله ؟! .. مين اللى هايشتغل بحق
وحقيقى؟! .. مين اللى هايزرع ويبنى
ويعلم ويصنع ؟! فعلا انتم حلال فيكم حزام
الدمار المستعجل اللى أنا لابسه ده ..
توكلت على الله .
( يهم بالضغط على
زر التفجير وهو يصرخ ) الله أكبر.
( فجأة نسمع شهقة
تتبعها صرخة تهتف باسمه فى لوعة – تظهر أمه وسط زحام السوق تتامله غير مصدقة )
الأم : يوسف !!
( مع تصاعد موسيقى
مناسبة تتيبس أصابعه على الزر يلتفت إلى أمه فى ارتباك )
يوسف : أمى
؟!
الأم : يوسف .. ابنى .. ضنايا!!
يوسف : إيه
اللى جابك دلوقتى يا أمه؟!
الأم : إخص عليك
يا يوسف .. ترجع م السفر من غير ما تقول لنا ؟!
يوسف : ما هو أصل يا امه ..
الأم
: أبوك هايفرح قوى لما يعرف إنك رجعت بالسلامة ... وحشتنى قوى يا يوسف.
يوسف : من بعيد يا امه .. من بعيد.
الأم : نفسى آخدك فى حضنى يا يوسف.
يوسف : وأنا كمان يا امه .. اشتقت لحضنك قوى
.. بس ما ينفعش دلوقتى.
الأم : ليه يا ضنايا .. لسه زعلان مننا ؟!
يوسف : لا يا أمه .. بس أنا .. ( يبحث عن حجة ) أنا متوضى.
الأم
: انت هاتعمل عليا شيخ يا وله؟! .. ده أنا امك يا يوسف .. يعنى آخدك فى
حضنى
وأشيلك على حجرى .. وأهشكك كمان.
يوسف : ( فزعا ) لأ .. تهشكينى ده إيه؟! ... خطر عليا
وعليكى يا أمه .. ده أنا ع الشعرة.
الأم
: وأنا اللى افتكرت انك حلقت دقنك وربنا تاب
عليك ؟!
يوسف
: تاب عليا من إيه يا امه؟! .. هوه أنا كنت كفرت؟!
الأم : أيوه كفرت .. وكفرتنا كلنا.
يوسف : أعوذ بالله ..
الأم : كفرت بعشيتنا .. وكرهت أهلك وناسك .. وهجرتنا ورحت تتلطم فى
بلاد ما يعلم بيها الا
ربنا .. كل ده عشان ما اتجوزتش أمانى بنت الصول سلامة؟! ... طب احنا ذنبنا
إيه يا ابنى
تحرق قلبنا عليك ؟!
يوسف : أقولك يا أمه ذنبكم إيه وما تزعليش
منى ؟!
الأم : ذنبنا إن احنا ربيناك وكبرناك وعلمناك
فى المدارس؟!
يوسف : علمتونى إيه ؟! .. عيب وحرام وما يصحش
؟! .. ولا قصدك ع الشهادة اللى ما
تأكلش عيش حاف ؟! .. وتربية إيه اللى ربيتوهالى؟! .. يا ريتكم علمتونى أسرق
ولا
أنهب ولا أفترى ع العباد ... كان زمانى دلوقتى
راكب عربية تلاتة متر .. وعندى بدل
الشقة عشرة .. ومتجوز أمانى .. اللى حبيتها وحبتنى.
الأم : يااااه ... ده انت معبى مننا قوى يا
يوسف !!
يوسف : غصب عنى يا امه .. تقدرى تقوليلى فين
أبويا دلوقتى ؟! .. استنى .. أنا اللى هاقولك
أكيد فى مولد ولا فى ضريح من الأضرحة عمال يهز راسه مع الدروايش والمجاذيب
أبويا لما يأس باع القضية وباعنا من زمان .. وعمل نفسه من أهل الخطوة وكبر
دماغة
وفصل عن الدنيا واتدروش .. وأنا كمان يا امه .. عملت زيه ... يئست من دنيتى
وفصلت
بس اتدروشت بطريقتى ..
الأم : أبوك هنا .. فى الزاوية دى يا ابنى بيصلى الضهر .. تلاقيه كان بيدعيلك ترجع لنا
بالسلامة .. وأهو ربنا استجاب لدعاه .. ورجعت يا يوسف . ( تحاول الاقتراب منه )
يوسف : لأ يا امه خليكى بعيد أبوس إديكى ..
الأم : برضه مش عايز تترمى فى حضن امك يا يوسف؟!
يوسف : نفسى يا أمه .. والله العظيم نفسى ..
الأم
: وإيه اللى حايشك يا وله؟! ( تحاول الاقتراب منه – يبتعد كالملسوع )
يوسف : يا امه ابعدى عنى اعملى معروف ..
الأم : إخص عليك يا يوسف .
يوسف : إنتى إيه اللى جابك دلوقتى يا امه ؟!
.. كان زمانى خِلصت ونفذت اللى أنا جاى عشانه
أشوف وشك بخير يا أمه .. ادعيلى إن احنا نتقابل فى الجنة .
الأم : رايح فين يا ابنى ؟! .. أنا ما صدقت لاقيتك!!
يوسف : ابقى سلميلى على أبويا .. وقوليله إنى
مسامحه ... ولو شوفتى أمانى .. قوليلها ...
ولا بلاش .. ما عادش ينفع يا أمه .. ما عادش ينفع.. أنا خلاص .. اخترت
طريقى
وعرفت نهايتى. ( يخرج )
الأم : يوسف ؟! .. استنى يا يوسف ... (تطارده صارخة بلوعة ) يوسف!!
إظلام
اللوحة الخامسة
( سلويت يظهر خلفه الضابط ويوسف نسمع صوتيهما
بلاى باك حتى يتم تغيير الديكور إلى مشهد المقهى البلدى )
ص. الضابط : وما فجرتش نفسك فى السوق .
ص. يوسف : ما كانش ينفع يا باشا .. أنا زعلان
من أمى وأبويا آه .. بس مش لدرجة إنى
أفجر
نفسى فيهم .
ص. الضابط : وبعدين يا يوسف؟! .. إيه اللى
حصل بعد كده؟!
ص. يوسف : الشيخ غريب زعل منى طبعا .. وانفعل
عليا فى التليفون عشان ضيعت فرصة
السوق
.
( يظهر غريب متنكرا فى زى المجاهدين فى
افغانستان – يتحدث فى المحمول بغضب وقد تكور فى ركن خافت الإضاءة من المسرح أشبه
بكهف أو جحر من جحور الفئران )
غريب : يعنى إيه ما قدرتش تنفذ ؟! .. هو لعب
عيال ؟!
( يوسف على الجهة الأخرى من المسرح بهيئته فى
المشهد السابق )
يوسف : هدى أعصابك وروق دمك يا شيخ غريب ..
هاعوضهالك إن شاء الله.
غريب : إزاى ؟! .. ده انت ضيعت علينا فرصة كبيرة مش
هانعرف نعوضها تانى.
يوسف : ما انتو لو بعتونى قبرص .. مش كان
احسن؟!
غريب : قبرص إيه؟! ... إحنا عايزين البلد دى
تخرب .. قصدى عايزين عملية تهز البلد من
جوة .. عشان تتطهر من الكفر والضلال اللى ماليها.
يوسف : اطمن يا مولانا .. هاعملك فرقيعة
كبيرة يتحاكوا بيها سنين فى إعلام الكفار ..
غريب : أما نشوف آخرتها معاك ..
يوسف : يعنى هما الكفار هايروحوا مننا فين؟!
.. ماهم متلقحين فى كل حتة .. فى الشوارع ..
وع
الارصفة .. وع القهاوى ..
( يظهر فى الخلفية ديكور المقهى
تدريجيا – لتبدو الصورة ثابتة فيكس كادر – نرى تفاصيل المقهى البلدى من رواد جلوس
على الكراسى فى أوضاع مختلفة .. من يمسك لى الشيشة .. ومن يلقى بحجر الزهر على
رقعة الطاولة .. ومن يبحلق فى شاشة تلفزيون .. ومن يقرب كوب الشاى من فمه .. فتلة صبى
المقهى يحمل صينية ويمر بين الطاولات - لافتة أعلى المقهى مكتوب عليها " قهوة
الشعب " .. زاوية أو مسجد يظهر قريبا من المقهى - يظل
المشهد ثابت لحظات - يقترب منهم يوسف بحذر وترقب
- فجأة ينتفض جميع رواد المقهى مرة واحدة صارخين )
الجميع : جووووووووووووون ..
( ويبدأ المشهد فى الحركة – فتلة صبى المقهى
يمر بين الزبائن وهو يهتف )
فتلة : أيوه جاى .. واحد لمون ووضبه للباشا.
جميل
: خمسينة شاى يا فتلة.
فتلة : وعندك شاى فى الخمسينة وصلحه.
يوسف : أهو ده المكان اللى يستاهل الحرق بجد ..
شوية صيع قاعدين ع القهوة لا شغلة ولا
مشغلة .. توكلنا على الله .. الله أكبر.
( يقترب من المقهى – يتهيأ للضغط على الزر
يفاجأ بأسامة يستقبله بحفاوة )
أسامة
: مين؟! ... يوسف عبد الحق !!
يوسف : وبعدين بقى ... هو أنا فى كل خرابة
يطلع لى عفريت؟!
أسامة : إيه يا يوسف .. مش فاكرنى ؟! .. أنا
أسامة .. أسامة جاد الله ..
يوسف : مش فاكرك يا اسامة يا جاد الله .. ( يتهيأ للضغط على الزر ) الله اكبر
أسامة
: بأمارة أمانى .. بنت الصول سلامة .. أمانى اللى كنت بتحبها ..
يوسف :
خلاص يا أسامة .. ما تسيحش .. افتكرتك يا جاديليو .. زق عجلك بقى خلينا
نشوف
شغلنا.
اسامة : انت كمان شغال هنا ؟! .. بتسرح
بإيه؟!
يوسف : بمتفجرات ... يلا بقى قبل ما أفرقع
فيك .
أسامة : طول عمرك دمك خفيف وتموت فى القلش .. ( يلكزه بقوة مفاجأة )
يوسف : ( برعب ) قلش إيه الله يخرب بيتك ... إوعى
تمد ايدك عليا تانى ..
أسامة : والله زمان يا يوسف .. تشرب إيه ..
يوسف : مش شارب .
أسامة : لازم تشرب حاجة ... واد يا فتلة .
فتلة
: أيوه جاى ..
أسامة
: تشرب إيه يا يوسف؟!
يوسف : قلت لك مش شارب ... أنا صايم.
أسامة : طب اقعد نتكلم شوية .. ده انت واحشنى
قوى .. فينك يا ابنى من زمان؟!
يوسف : كنت مسافر ..
أسامة : دا أنا سمعت عنك حاجات يا راجل..
يوسف : سمعت ايه؟!
أسامة : انك استشيخت وربيت دقنك ومشيت مع
الجماعة إياهم..
يوسف : أنا ما مشيتش مع حد ... أنا قدامك أهو
لا دقن ولا جلابية .. ولا فاكرنى متحزم بحزام
ناسف .. تكونش ياض فاكرنى إرهابى؟!
أسامة : يخرب بيت شيطانك .. انت ياد انت مش
هاتبطل هزار.. أما عليك خفة دم. ( يلكزه بقوة)
يوسف :
( يقع من اللطمة – يصرخ فى ضيق ) وانت عليك تقل إيد .. انت مش ناوى تروّح
فى
ليلتك ؟! .. ولا هاتبات هنا ع المخروبة
دى؟!
أسامة : أنا باشتغل هنا ..
يوسف : بتشتغل ايه؟!
أسامة : تاجر ..
يوسف : ( ينتفض فى رعب ) مخدرات ... بتبيع حشيش
وبانجو ع القهاوى؟! .. ولا بتوزع
بودرة وبرشام؟! .. يبقى تستاهل اللى هايجرالك .. إلى جهنم وبئس المصير ..
(يتهيأ للضغط على
الزر) الله أكبر.
أسامة : ( يمسكه بحميمية ليجلسه عنوة ) اقعد يا يوسف بلاش هبل .. مخدرات إيه ؟!
أنا بابيع كروت شحن .
يوسف : شحن؟!
أسامة : أيوه .. للموبايلات .. باخد من
الوكيل بسعر أقل من الجملة والف ع القهاوى أوزع
بسعر أرخص من المحلات .. ( بفخر ) مش كده وبس .. معايا شحن ع الهوا كمان.
يوسف : انت ياد مش معاك بكالوريوس تجارة؟!
أسامة : أيوه .. ما أنا باتاجر أهو .. مش
أحسن من حبسة البنوك والقعدة فى التكييف .. ده
حتى بيقولوا بيجيب روماتيزم وبيكسر العضم .
يوسف : هوه إيه ده؟!
أسامة : التكييف .. أنا كده حُر نفسى .. لا
مدير يتحكم فيا .. ولا رئيس قسم يحطنى فى دماغة
ولا أقعد استنى مرتب آخر الشهر .. وبدلة وكرافتة ومظاهر كدابة .. هيه ناقصة
خانقة؟!
ماله الشبشب أبو صباع؟!
يوسف : انت مصدق نفسك ياد يا جاديليو؟! ..
نسيت أحلامك زمان؟!
أسامة : أهو انت قلتها .. أحلام .. إحنا
دلوقت بنفحت على أرض الواقع .. فحت ع الناشف ..
والواقع نفسه بيهرى وينكت فى اللى
جابونا .. أشحنلك بكام ؟!
يوسف : ما لكش دعوة بيا ..أنا مشحون ع الآخر..
ناقصنى تكاية وأفرقع (يشير لزر التفجير)
مش ناوى تروح بقى ؟!
أسامة : وانت مستعجل ع المرواح ليه؟! .. ده
انت واحشنى يا راجل .. وبعدين حد يسيب
الصحبة الحلوة دى ويروح؟!
يوسف : صحبة إيه؟! .. دول شوية صيع قاعدين ع
القهوة ..
فتلة : ( يقترب صائحا فجأة ) صيع؟! .. إلحقوا يا
جماعة الواد ده بيقول عليكم صيع.
أسامة : ( يشير تجاه يوسف ) هو اللى قال مش أنا.
يوسف : الله .. الله!! .. جرى إيه يا جاديليو
.. انت بعتنى ولا إيه؟!
( يتجمع مجموعة من رواد المقهى حول يوسف الذى
يتأهب للضغط على زر التفجير )
فتلة : والباشا بقى بيشتغل إيه؟!
يوسف : تاجر متفجرات .. ليك شوق فى حاجة ؟!
أسامة : إهدا يا فتلة .. ده يوسف صاحبى من
أيام الحكرتة.
بسيونى : يقوم يقول علينا صيع؟!
اسامة : ما شاتمك إلا اللى مبلغك يا اسطى بسيونى .. إنت سمعتها منه؟!
بسيونى : لأ ..
أسامة : خلاص .. يبقى براءة .. عاجبك كده يا عم
يوسف؟!
جميل : مش تعرفنا على صاحبك يا جاديليو.
أسامة : ده يوسف عبد الحق .. صاحبى وابن حتتى
.. وكان بيحب أمانى بنت الصول سلامة .
يوسف : الله !! .. جرى إيه يا أسامة؟! .. ايه
اللى جاب سيرة أمانى دلوقتى؟!
جميل : أيوه عارفها ..
يوسف : هيه مين دى اللى تعرفها ؟!
بسيونى : أمانى .. بنت الصول سلامة ..
يوسف : وانت كمان تعرفها؟!
فتلة : كلنا نعرفها ..
يوسف : لأ بقى الظاهر إن هى دى اللحظة
الحاسمة .. بسم الله .. الله أكبر.
جميل : ما تحزقش قوى كده لا يطق لك عرق..
يوسف : هايطق .. هايطق دلوقتى ويسوح الكراخانة
دى باللى فيها .. الله اكبر.
أسامة : إهدا يا يوسف .. ما تبقاش مجنون .. كلنا عارفين أمانى.
يوسف : حتى انت يا جاديليو؟!
أسامة : وفيها إيه لما نعرف أمانى؟!
يوسف : فيها إيه؟! .. فيها رقاب هاتطير ودم
هايبقى للركب ومناطق هاتولع باللى فيها ..
كله الا الشرف يا جدعان .
فتلة
: وانت محموق كده ليه ؟! .. هى كات من بقيت أهلك؟!
يوسف : ما هو قال لكم انى كنت باحبها ..
بسيونى
: وإيه يعنى .. ما كلنا بنحبها ..
يوسف : تانى؟!
جميل
: أيوه بنحبها عشان خاطر أبوها .. الراجل الكُمل .
أسامة : راجل خدوم ..
يوسف : ده مين ده؟!
جميل
: الصول سلامة.
بسيونى : خيره علينا كلنا
يوسف : سلامة؟!
فتلة
: ما بيتأخرش علينا فى أى حاجة.
يوسف : ( مستنكرا ) سلامة؟!
أسامة : أيوه ..
بسيونى : لولاه كان انقطع عيشنا واتشردنا
إحنا وعيالنا .
يوسف : سلامة؟! ... ده راجل مفترى.
فتلة
: عيب عليك .. ده راجل محترم.
جميل : مع إنه صول صغير على قده .. بس الناس
كلها بتحبه وتقدره.
يوسف : انتو بتتكلموا عن مين؟!
أسامة : الصول سلامة .. أبو أمانى يا أخى.
يوسف : انتو محسسينى إنه ولى من الأوليا!
فتلة : اكتر من الأوليا .. كفاية إن أى مشكلة فى
القسم، ولا مع بتوع البلدية بيخلصنا منها
على طول .
يوسف
: طبعا بالرشاوى والمحسوبية.
جميل
: لأ وغلاوتك .. كله لله فى لله.
بسيونى : عامل حساب للجيرة والعشرة.
يوسف : سلامة؟! .. طب عليا النعمة أنا حاسس
إنكم بتشتغلونى وبتتسلوا عليا بدل من قعدتكم
فاضيين ع القهوة .
جميل : فاضيين؟! .. احنا قاعدين ع القهوة دى بناكل
عيش.
أسامة
: شوية الصيع اللى مش عاجبينك دول ما
استنوش الحكومة تشغلهم .. ما مدوش
إديهم للناس يتسولوا .. لا سرقوا ولا نهبوا .. وما قعدوش تنابلة فى بيوتهم
يستنوا
اللى يأكلهم ويشربهم .. ما قطعوش طريق .. ولا تاجروا بقوت الغلابة اللى
زيهم ..
ده عم جميل السمسار .. بيدير أعماله
من ع القهوة
جميل
: عايز شقة إيجار قديم .. إيجار جديد .. تمليك .. كاش .. تقسيط .. أنا تحت أمرك.
أسامة
: وده بسيونى .. مبيض محارة .. بيقعد هنا كل يوم يستنى مصلحة ولا مرمة.
بسيونى : الزباين عارفة مكانى ع القهوة .. تاخد
نمرة التلفون يمكن تقصدنا فى شغلانة؟!
يوسف : لأ شكرا .. أنا مترمم خلقه .. متشطب
جاهز ..
أسامة
: ( يشير لآخرين ) وده ربيع .. بياع متجول .. وده حفنى .. تاجر عربيات مستعملة ..
وغيرهم كتير وكتير ..
فتلة : وأهو
كلنا بناكل عيش وبنلقط رزقنا بالحلال .. (صائحا ) أيوه جاى .
بسيونى : باقول إيه يا جماعة .. مش الأصول
برضه نروح نوجب مع الراجل الطيب فى ليلة
زى دى؟
جميل
: طبعا .. ده أقل واجب ..
أسامة
: مش هاتيجى معانا يا يوسف؟!
يوسف : آجى معاكم فين؟!
أسامة : نبارك للصول سلامة.
يوسف : ليه ؟! .. عينوه وزير داخلية؟!
بسيونى : فرح بنته النهاردة .
يوسف : بنته مين؟!
جميل : أمانى ..
يوسف : أمانى مين؟!
الجميع : اللى انت كنت بتحبها ..
يوسف : ( صارخا وهو يلوح بزر التفجير ) إيه؟! ... جيب عاليها واطيها يارب ..
إظلام
اللوحة السادسة
(يظهر غريب فى مقدمة صالة الجمهور أمام خشبة المسرح مرتديا زى خواجة يتحدث
مع يوسف بانفعال وغضب .. يوسف يظهر فوق الخشبة فى بؤرة مضيئة حتى يتبدل المنظر
خلفه إلى فرح فى حى شعبى.)
غريب : قافل تليفونك ليه يا يوسف؟!
يوسف : كنت باصلى العشا يا مولانا ..
غريب : وده وقته ؟! ... قصدى وإيه اللى يقعدك
للعِشا؟ .. ما فجرتش نفسك ليه لحد دلوقتى؟!
يوسف : كل شيىء بأوانه يا شيخ غريب.
غريب
: اللى انت بتعمله ده خطر يا يوسف.
يوسف : صبرك عليا يا مولانا .
غريب : أنا خلاص .. صبرى نفذ .. الجماعة فوق
شايطين على آخرهم ..
يوسف : فوق فين؟! .. فى السما ؟!
غريب : التنظيم الدولى يا بنى آدم .. انت مش
عارف انت مصروف عليك قد إيه لحد دلوقتى؟!
يوسف : مصروف إيه يا عم الشيخ !! ... ده
انتوا باعتينى الجنة على لحم بطنى.
غريب : اسمع يا يوسف .. دى آخر فرصة هانديهالك
.. الناس عايزة تسمع خبر يفرحها ..
يوسف : هانفرحهم يا مولانا ..
( تبدأ الإضاءة تدريجيا على منظر الفرح ..
المشهد ثابت بتفاصيله .. سلامة يستقبل الضيوف .. بين الضيوف كل من أسامة وجميل
وبسيونى وفتلة وبعض ممن شاهدناهم فى اللوحة السابقة )
غريب : خبر
يهز الدنيا ..
يوسف : هانهزهالهم يا مولانا ..
( صوت صخب الفرح ودقات طبلة على إيقاع شرقى )
غريب : إيه الصوت اللى عندك ده؟! .. إنت فين يا
شيخ يوسف؟!
يوسف : أنا ؟! .. فى الحارة المزنوقة يا
مولانا ... إدعيلى ربنا يفك زنقتى ..
غريب : حارة إيه ؟! .. ومزنوقة إيه؟! ...
بيجيبوا الكلام ده منين؟! ..
( يرن تليفون آخر يرد عليه غريب بلكنة ولغة
إنجليزية سليمة )
غريب : Hello.. Good evenening sir.. Don't worry,
don't worry.
( يخرج غريب مستمرا فى المحادثة بينما يتصاعد
صخب الفرح فى الخلفية ويبدأ الشخوص فى الحركة .. تظهر الفرقة الإستعراضية فى غناء
ومرح على أغنية شعبية شهيرة )
يوسف : بقى رايحة تخونينى وتتجوزى واحد تانى
يا بنت سلامة؟! .. طيب يا أمانى ..
هاقلبهالكم الليلادى جهنم الحمرا
انتى وأبوكى ..
أسامة : ألف مبروك يا عم سلامة ..
سلامة : الله يبارك فيك يا أسامة .. عقبالك .
جميل : ربنا يتمم بخير يا صول سلامة ..
سلامة : الله يكرمك يا أستاذ جميل .. عقبال
أولادك ..
بسيونى : مبروك يا راجل يا أمير ..
سلامة : الله يبارك فيك يا أسطى بسيونى.. عقبالك
بسيونى : تانى؟! .. هو أنا قادر عاللى فى
البيت عشان أتجوز تانى!
يوسف : ( متطفلا على الحوار) وتالت ورابع ..
الشرع محلل أربعة .
سلامة : ( مبهوتا )
الواد ده إيه اللى جابه هنا ؟!
يوسف : جرى إيه يا عم سلامة .. جاى أهنى وأبارك
..
سلامة : تبارك .. ولا تبوظ الفرح؟!
يوسف : أنا أبوظ فرح أمانى ؟! ... دى حبيبة القلب من جوة .
سلامة :
انت بتقول إيه ياض انت ؟!
يوسف :
باقول إنى باحبك يا عم سلامة .. يا
غالى .. يا أصيل يا ابن الــ .. الأصول
(يضغط حروف كلماته ) تعالى فى حضنى تعالى .. خلى المشاعر اللى
جوايا تتأجج
والنار اللى على وسطى .. قصدى اللى فى قلبى تتوهوهج، وتولع فيا وفيك.
سلامة : إبعد عنى وإقصر الشر باقولك.
أسامة : روق دمك يا عم سلامة .. انت عارف يوسف طول
عمره يحب القلش ..
وفى الآخر برضه إحنا أهل وحبايب.
جميل : وانت قلبك كبير يا صول سلامة ..
والمسامح كريم.
يوسف : مسامح إيه .. هوه أنا غلط فيه؟! .. طب
ده أنا متحزم له مخصوص .. وجاى أرقص
فى فرح بنته .. الغالية .. بنت الغاليين .. حبيبتى أمانى .
سلامة : إياك تجيب سيرتها تانى على لسانك ..
أنا باقولك أهو ..
يوسف : ليه يا عم سلامة ؟! .. ده حتى اسمها
حلو .. وكله مزيكا .. حتى اسمع .. أمانى ..
أمانى.. أمانى..
سلامة : ( يطارده فى غيظ ) مش باقولكم !! .. جاى
يبوظ الفرح ..
فتلة : أنا قلت م الأول بلاش الواد ده ييجى معانا ..
أسامة : لم الدور يا يوسف .. الفرح مليان
عساكر ورتب كبيرة.
يوسف : ماهو ده عز الطلب .. كل الحبايب متجمعين بالصلاة
على النبى .. العروسة وأبوها
والداخلية بعساكرها بمخبرينها بدبابيرها .. يعنى تكة واحدة نبعت الحبايب
كلهم فى
أقرب فوج .. وربنا يقدرنا على فعل الخير.
( أصوات صاخبة من الخارج .. زغاريد .. ألعاب
نارية .. طلقات .. إلخ .. )
أصوات : العروسة وصلت .. العروسة وصلت ..
( الجميع يسرعون لاستقبال زفة العروسين بينما
يقف يوسف وحيدا يتأمل أمانى فى حزن أسامة يربت على كتفه مواسيا )
أسامة : لايمها بقى يا يوسف .. ماهيش من
نصيبك يا أخى .. وبعدين هو اللى خلقها ما خلقش
غيرها؟!
يوسف : خلق زيها كتير .. عشان يوجعوا قلوبنا هيه
وأبوها وأمها .. دول مش عايزين حزام
ناسف .. دول عايزين سور الصين العظيم يتحوط حواليهم ويتلغم بنووى عشان
يحوق فيهم ..
أسامة : يا ساتر ... ما يبقاش قلبك اسود كده
يا يوسف .. الجواز قسمة ونصيب.. بكره ربنا
يرزقك باللى أحسن منها.
( يتركه اسامة وينخرط وسط زفة العروسين، يقف
يوسف يتأمل الجميع فى حزن )
يوسف :
أحسن من أمانى؟! .. أنا عمرى ما أتمنيت غيرها .. ولا اتصورت إن ييجى اليوم
اللى
أشوفها بتتزف فيه على واحد تانى .. النار اللى قايدة جوايا دلوقتى أشد
وأقوى من
مليون حزام ناسف .
( يقترب موكب العروسة .. يقترب يوسف من كتلة
الزحام .. موسيقى وإضاءة مناسبة .. صخب الزفة لازال مستمرا .. بؤرة إضاءة على يوسف
وأمانى فقط كأنها تزف إليه هو )
أمانى
: يوسف ..
يوسف : أمانى..
أمانى : بتحبنى يا يوسف ؟!
يوسف : باموت فيكى ..
أمانى
: وأنا كمان .. باموت فيك ..
يوسف : الليلة دى أسعد ليلة فى حياتى .. مش
مصدق إن أنا وانتى خلاص هايتقفل علينا باب
واحد.
( عودة خاطفة لصخب الفرح وإضاءة متقطعة على
العريس وعلى سلامة وعلى أمانى وقد عادت لرفقة عريسها . تدفع يوسف بغضب )
أمانى
: ايه ده؟! ... ابعد عنى .. سيبنى .. انت مجنون؟!
يوسف
: مجنون عشان حبيتك يا أمانى؟!
العريس : إيه يا جدع انت فى إيه؟! .. مين ده
يا أمانى؟!
يوسف : وانت ايه اللى حشرك انت كمان؟
العريس : أنا العريس.
يوسف : وأنا يوسف .. باحب عروستك.. وكنت عايز
اتجوزها.
العريس : انت الظاهر عليك شارب حاجة .
يوسف : شارب إيه يا عم .. أنا صايم بقالى
تلات تيام.
سلامة : مش باقولكم جاى يبوظ الفرح.
أسامة : (محاولا ابعاد يوسف عن طريقهم ) خلاص بقى
يا يوسف ..
حقك عليا أنا يا عم سلامة .. حقك عليا يا عريس.
يوسف : رايحة تتجوزى عليا يا أمانى؟!
أسامة
: ما تعقل بقى يا يوسف .. خلى الليلة تعدى.
يوسف : سيبنى يا جاديليو .. انا مش جاى أبوظ
الفرح .. والله العظيم ما جاى أبوظ الفرح
( ثم بلهجة مرعبة ) أنا جاى أولع فى الفرح
.. جاى أولع فيكم كلكم ... وانتى أولهم يا أمانى
( ثم صارخا بحسم وهو يتهيأ للضغط على الزر )
يوسف : لازم تموتى .. لازم كلكم تموتوا ..
( يضغط فعلا على زر التفجير ..
تصاعد موسيقى ومؤثرات مناسبة للحظة الانفجار.. يكرر الضغط وهو يصرخ بعصبية
.. يفشل فى تفجير نفسه .. بينما يمر موكب العروس من خلفه وسط صخب الموسيقى
والزغاريد والغناء .. حتى يبقى وحيدا على المسرح يكرر محاولة الضغط على زر التفجير
وهو يهتف فى ذهول )
يوسف : هوه فى إيه؟! .. فى إيه؟! .. البتاع
ده ما بيشتغلش ليه؟! .. فى إيه يا شيخ غريب ؟!
فى إيه؟!
إظلام
اللوحة الأخيرة
( يظهر غريب فى ركن قصى من المسرح يرتدى قبعة عريضة ملونة وتى شيرت مشجر
وشورت واسع كأنه يجلس على شاطىء بحر .. يمسك فى يده سنارة يصطاد بها سمكا وهميا ..
يهز رأسه فى أسف وحنق.)
غريب : غبى .. نسى يسحب صمام الأمان .. ضيع علينا فرص كتير بتردده وغباؤه..
ما عادش
قدامه غير فرصة واحدة أخيره
.. لو فشل فيها .. هانقوم إحنا بالواجب ..
( تظلم بؤرة الإضاءة حول غريب بينما يضاء المسرح تدريجيا على نفس منظر
اللوحة الأولى حيث خشبة المسرح .. يظهر يوسف مع الضابط وخالد وأفراد الأمن )
الضابط : نسيت تسحب صمام الأمان؟!
خالد : الحمد لله .. ربنا كتب لهم
عمر جديد.
يوسف : ما أخبيش عليكم .. أنا اللى كنت قاصد ما اسحبش صمام الأمان.
الضابط : ليه يا يوسف ؟!
يوسف : نفس اللى حصل فى السوق .. وفى القهوة .. كل ما أروح فى حتة ألاقى حد
عزيز عليا
أمى .. أبويا .. صاحبى .. جارى .. وكله كوم
وحبيبة قلبى أمانى .. إزاى أفكر لحظة إنى
ممكن أتسبب فى موتها أو أذيتها ؟! .. حتى لو
اتجوزت واحد غيرى!
الضابط : الحمد لله انك فقت فى الوقت المناسب.
يوسف : فى لحظة كده يا باشا اكتشفت إن الكُره زى العمى.. وإن الغضب أسود من
عتمة الليل.
خالد : تقوم تختار المسرح ده بالذات عشان تفجر
نفسك فيه؟!
يوسف : قلت يمكن ألاقى ناس تانية
تستحق الموت .. ناس ما شوفتهاش قبل كده ولا عرفتها.
الضابط : ولاقيتهم يا يوسف ؟! .. لاقيت حواليك اللى يستحق تفجر نفسك فيه
بحزام ناسف؟!
يوسف : هو أنا لحقت يا باشا ؟! .. ما انتم كبستوا على نفسى زى القضا
المستعجل .
الضابط : احنا لسه فيها .. انزل
كده بص فى وشوش الناس دى ( مشيرا للجمهور ) ..
انزل يا يوسف .. ما تخافش..
( يتحرك يوسف ببطء تجاه صالة الجمهور .. يتحفز أفراد
الأمن محاولين منعه فى حذر )
الضابط : سيبوه .. إنزل يا يوسف .. دقق تانى فى ملامحهم .. افرز وشوف .. شوف
مين فيهم
يستحق الحياة .. ومين
يستحق إنك تفجر نفسك فيه بحزام ناسف؟!
يوسف : ( يتأمل وجوه الجمهور فى حيرة ) ما هو ده اللى حيرنى .. كل ما أبص فى وش
حد
ألاقى فيه ملامح قريبة
منى .. ألاقى فيه صاحبى وأخويا وقريبى وجارى .. ناس كتير
فى البلد دى تشبه
أبويا وأمى .. وناس كتير تشبهنى .. والمصيبة إنى كل ما أبص
فى وش حد ألاقيه بيضحك
لى .. كأنه يعرفنى من زمان .. ورغم كل الشر اللى جوايا
والسواد اللى مالى نفسى
كنت بالاقيهم يدعولى .. ويطيبوا بخاطرى .. وده اللى كان
بيزود حيرتى .. وكان
سؤالك ده دايما بيتكرر جوايا .. مين فى الوشوش الطيبة دى
يستحق الموت ؟!
( مخاطبا الجمهور مع ترك مساحة للارتجال حسب
أنماط الجمهور وفئاته )
يوسف : قولولى انتم .. لو تعرفوا
الإجابة .. مين فيكم يستحق إنى أفجر نفسى فيه
؟!.. مين
فيكم يستحق الموت .. انت؟!
.. ولا انتى يا مدام؟! .. ولا الراجل الطيب اللى ما بطلش
ضحك من ساعة ما بدأنا
المسرحية؟! .. ولا الأمور الصغير اللى لسه ما عرفش يعنى
إيه شر وكره وخراب؟! ..
حد يجاوبنى .. مين فى البلد دى يستحق أفكار غريب واللى
زيه؟! ..
( مرددا فى تفكير ) غريب؟
( ثم كمن توصل إلى شىء ) أنا يا باشا
لاقيت الإجابة .. غريب واللى زيه هما اللى
يستحقوا الهلاك .. إنما
الناس الطيبة دى كلها، ربنا كاتب لها الحياة .. الناس دى مكتوب
على وشوشها النجاة ..
بطيبتها وضحكتها الصافية ربنا واعدهم بسر الحياة.
الخبير : مبروك يا فندم .. نجحنا
فى إبطال مفعول الحزام الناسف.
خالد : الله أكبر .. تسلم إديكم
يا رجالة ..
يوسف : شوف الفال .. مش قلت لك يا باشا .. ده شعب مكتوب له الحياة .
الضابط : بلغ الإدارة .. وطمن الناس إن الخطر زال..
الخبير : أمرك يا فندم .
يوسف : طيب بما إن المهمة فشلت والحمدُ لله .. وأمانى إتجوزت وربنا تمم
بخير .. والطيارة
رجعت من قبرص بالسلامة .. استأذن أنا بقى..
سلامو عليكم. ( يتهيأ للخروج )
الضابط : استنى عندك .. هو دخول الحمام زى خروجه؟!
( يشير للجنود الذين يلقون القبض على يوسف فيستسلم لهم )
يوسف : لأ طبعا يا باشا ..
الضابط : لازم تتحاكم يا يوسف.
يوسف : موافق .. بس قبل ما
تحاكمونى .. حاكموا غريب واللى زيه ..
حاكموا اللى بيلعبوا
بعقول الشباب باسم الدين، والدين منهم برىء ..
حاكموا اللى بيزرعوا فى قلوبنا
ليل ونهار كره بلادنا وأهالينا ..
حاكموا الإعلام التافه والقنوات
المصروف عليها بالملايين عشان تخرب وتدمر
وتنشر الفتن والأكاذيب ..
حاكموا التعليم اللى بيهد
ما بيبنيش ..
حاكموا الحيتان الكبار
اللى ما سابوش للصغيرين غير اليأس والغلب والإحباط ..
حاكموا اللى سلمونا سنين
طويلة للجهل والفقر والمرض ..
حاكموا الفسدة والظلمة والخونة ومعدومى الضمير
..
حاكموهم يا باشا ..
وحاكموا نفسكم انتو كمان ..
طهروا نفسكم قبل فوات
الأوان..
طهروا البلد يا باشا ..
طهروا بلادنا من داعش واللى
يشبهها
طهروا مصر وليبيا وسوريا
والعراق واليمن والسودان
طهروا بلادنا من حِيل
الصهاينة والأمريكان
قبل ما تحاكمونى يا باشا ..
حاكموا اللى باع وطنه وخان
( يخرج بصحبة الضابط
ورجال الأمن – يبقى خالد مع أعضاء الفرقة )
خالد : انزل يا ابنى بحاجة فرايحى .. خلينا نخرج من مود الإرهاب اللى كنا
فيه ده ..
( يبدأ الراقصون فى استعراض الختام
يعبر عن السعادة والفرحة والتفاؤل بالمستقبل )
الختام
السيد فهيم - مارس
2016