الاثنين، 23 مايو 2016

مسرحية عقلك في راسك


حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف، ولا يجوز الطبع أو النشر أو التبادل بأي وسيلة دون الرجوع للمؤلف.







عقلك فى راسك

مسرحية من فصل واحد





           
تأليف
السيد فهيم











شخصيات المسرحية : -

·        جندى 1
·        جندى 2
·        المجذوب








الزمان :-

أمس .. واليوم .. وأتمنى ألا يكون غداً .

المكان :-

بقعةٍ ما من كرتنا الأرضية ..




















المشهد الأول
ميدان قتال أو معسكر تدريب حيث نرى مجموعات من الجنود فى ملابس قتالية أثناء تلقيهم تدريبات قاسية على فنون القتال .
أصوات مختلطة لطلقات نارية – انفجارات مدوية – صراخ .. إلخ ، مارشات عسكرية ودقات أقدام الجنود المنتظمة الإيقاع ..
يمكن أن يصور هذا التدريب ويعرض على شاشة عرض سينمائى .. أو يجسد من خلال سلويت " خيال ظل "
أو بأى وسيلة يبتكرها المخرج .
تختفى أصوات الجنود رويداً رويداً ويظلم المسرح تماماً .. تنبت بؤرة إضاءة يظهر داخلها جندى 1 وجندى 2 ، يتحركان بخطوات عسكرية رتيبة كعرائس الماريونيت أو كالإنسان الآلى .. يقفان فى منتصف المسرح فى تحفز تام وهما يحملان سلاحيهما .. صوت القائد يأتيهما من مكان مجهول وكأنه ينبعث من أعماقهما فى صرامة وجدية .
صوت القائد   : انتباه .
جندى 1 و 2 : تمام يا فندم .
صوت القائد  : سنك ؟! .. ( لا يجيبان ) عنوانك ؟!
( الجنديان فى ذهول وارتباك – القائد فى ظفر وسعادة )
صوت القائد : عظيم .. برافو .. هوه ده المطلوب .. تنسى اسمك .. تنسى سنك .. وعنوانك ..
                  ( فى قسوة ) تنسى نفسك .
جندى 1     : ( فى حيرة ) أنسى نفسى .
صوت القائد : ( فى تأكيد ) تنسى نفسك .
جندى 2     : ( فى دهشة ) وأبقى إيه ؟!
صوت القائد : تبقى نمرة .
جندى 1     : أبقى نمرة ؟!!
صوت القائد : ( فى عنف ) أيوه .. نمرة .
جندى 2     : ( فى خوف وإذعان ) نمرة .. نمرة .
صوت القائد : نمرة رايحة .. نمرة جاية .. عين تراقب .. ودن تسمع .. إيد تنفذ .
جندى 1     : واللسان .
صوت القائد : عضو أخرس .
جندى 2     : يعنى إيه ؟!
صوت القائد : يعنى تخرس .. الكلام ممنوع تماماً .. حتى لو كلمت نفسك ؟!
صوت القائد : ( فى صرامة وقسوة ) حتى لو كلمت نفسك .. الكلام ممنوع تماماً .. حتى 
                    لو كلمت  نفسك ..  ( صارخاً ) مفهوم يا نمرة ؟!
جندى 1و2 : مفهوم يا فندم .
 ( إظلام سريع للحظات مع موسيقى عسكرية – يضاء المسرح حيث يتخذ كل من جندى 1وجندى 2 موقعيهما خلف أحد المتاريس أو الصخور .. جندى 1 يراقب المعسكر المقابل مستخدماً نظارات معظمة ، بينما جندى 2 ينظف سلاحه وقد وضع سماعات كاسيت على أذنيه فى تمايل راقص مع موسيقى غير مسموعة لسواه )
جندى 1 : ( فى قلق وملل ) أنا زهقت .. مليت من المراقبة .. ليل ونهار .. مفيش جديد .. ده 
               بيضرب فى ده .. وبعدين ده .. يرد على ده .. حرب دايرة بقالها .. ؟!   
              ( فى حيرة) بقالها ؟! .. حتى الإحساسبالوقت معدوم .. هوه النهاردة كام فى  
              الشهر؟! .. شهر ؟! .. هو إحنا فى شهر إيه أصلاً ؟! ..
             دى حاجة تلخبط .. ما هو النهاردة زى إمبارح .. زى أول .. زى السنة اللى فاتت ..
  ( يلتفت لجندى 2 ) لو سمحت يا .. من فضلك .. يا دفعة .. يا زمل .. لو سمحت يا نمرة ..
( جندى 2 لا يجيب وكأنه لم ينتبه لوجود جندى 1 )
جندى 1 : ( فى ضيق ) هوه مابيردش ليه ؟! .. إنت يا نمرة ؟! .. إيه ؟! أنا باكلم نفسى ؟! .. 
               ماترد عليا .
جندى 2 : ( فى برود ) ممنوع .
جندى 1 : ( فى ضجر ) كل شىء ممنوع .. حتى الكلام كمان ممنوع .. لأ .. فى حاجة واحدة 
               بس مسموح بيها.. ( يصوب فوهة سلاحه فى تحفز ) الموت .
جندى 2 : ( بآلية عجيبة محذراً ) الكلام ممنوع تماماً .. حتى لو كلمت نفسك .
جندى 1 : ( فى اعتراض ) يعنى الكلام ممنوع .. والبتاع اللى على ودنك ده مش ممنوع ؟!
جندى 2 : هيه دى الأوامر .
جندى 1 : ( فى تودد ) وفيها إيه لما ندردش سوا ؟! .. على الأقل نقضى على الملل ده .
جندى 2 : أنا عن نفسى .. مش حاسس بأى ملل .. بالعكس .. المكان هنا مسلى جداً .
جندى 1 : ( يضحك بمرارة ) مسلى ؟! .. إنت بتضحك عليا .. واللا على نفسك ؟! ..  
              ( ينهض بضيق تاركاً موقعه ) تقدر تقولى على حاجة واحدة مسلية هنا ؟! .. 
              الرصاص ؟! .. واللا القنابل ؟! .. واللا الجثث المرمية فى كل مكان ؟! ..
جندى 2 : ( محذراً برعب ) إيه ده ؟! .. إنت مجنون ؟! .. إزاى تسيب مكانك مكشوف ؟! .. 
              إرجع يا نمرة .. ماتبقاش متهور .. لو حد لمحك هانروح فى ستين داهية .
جندى 1 : زهقت م القاعدة يا أخى .. إتخنقت .. عايز أشم شوية هوا .
جندى 2 : ( فى سخرية وتهكم ) لأ حلوة دى .. حلوة قوى .. آل يشم هوا آل .. يا ابنى إنت نسيت 
              إحنا فين ؟!
جندى 1 : ( بجدية ) فين ؟!
جندى 2 : ( يفاجأ بالسؤال – يرد بتلقائية ) فى حرب .
جندى 1 : ( يضحك بشدة ) حرب ؟!
جندى 2 : ( فى دهشة ) أيوه .. حرب .. ( فى قلق ) إنت بتضحك على إيه ؟
جندى 1 : ( فى جدية مفاجئة ) حرب مع مين ؟! .. وعشان إيه ؟!
جندى 2 : ( فى هلع ) ما أعرفش .. مش عارف .. ومش عايز أعرف .. ومش مهم أعرف .
جندى 1 : ومالك خفت كده ليه ؟!
جندى 2 : عشان ممنوع .. ممنوع أعرف .. ممنوع أسأل عن أى حاجة .. ممنوع أفكر من 
                أساسه .
جندى 1 : ليه ؟!
جندى 2 : هوه إيه اللى ليه ؟!
جندى 1 : ما سألتش نفسك ليه كل شىء ممنوع ؟!
جندى 2 : عشان ممنوع أسأل نفسى .. فهمت ؟!
جندى 1 : برضه ليه ؟!
جندى 2 : لأ بأه .. إنت باينك مش ناوى تعدى اليوم ده على خير .. أنا غلطان إنى جاريتك م 
              الأول .
جندى 1 : ماتحاولش تهرب منى ..
جندى 2 : وأهرب منك ليه ؟! .. هوه أنا أعرفك قبل كده ؟!
جندى 1 : بسيطة .. نتعرف .
جندى 2 : وأنا مش عايز أعرفك يا أخى .. هوه بالعافية ؟!
جندى 1 : ( فى ود معتذراً ) إنت زعلت واللا إيه ؟! .. خلاص .. أنا آسف .. بس ما تقلبش كده .. 
              ده أنا ما صدقت حد يكلمنى فى المعسكر ده .
جندى 2 : ( فى سخط ) لأ .. مع نفسك بأه .. تكلمها .. تسألها .. تقل أدبك عليها .. إنت حر فى 
               نفسك .. وبعدين التعليمات واضحة .. واللا إيه يا نمرة ؟!
جندى 1 : ( فى ضجر ) نمرة .. نمرة .. أنا زهقت من الكلمة دى .. إيه ؟! مالناش أسامى نتنادى 
              بيها ؟! .. آه .. بالمناسبة .. إحنا ما تعرفناش ..
جندى 2 : ( فى دهشة ) إيه ؟!
جندى 1 : ما اتعرفناش .. اسمك إيه يا نمرة ؟!
جندى 2 : أنا ؟!
جندى 1 : أيوه إنت .. إيه ؟! .. مش فاكر اسمك ؟! .. واللا خايف تقولهولى ؟!
جندى 2 : ( فى اعتراض ) وأخاف من إيه ؟! .. إوعى تكون فاكرنى جبان !! لأ .. أصل أنت ما شوفتنيش فى
             معركة .
جندى 1 : حلو قوى .. اسمك إيه بأه ؟!
جندى 2 : ( فى ارتباك ) اسمى ؟!
جندى 1 : أيوه .. اسمك .. إيه .. اسمك صعب للدرجة دى ؟!
جندى 2 : ( يهمس حرجاً ) أقولك .. بس ما تضحكش عليا ؟!
جندى 1 : قول ما تخافش .
جندى 2 : فى الحقيقة .. مش فاكره .
جندى 1 : ( مدهوشاً ) إيه ؟! .. نسيته ؟! .. نسيت اسمك ؟!
جندى 2 : تقريباً .. مش فاكر غير نمرتى .
جندى 1 : أنت بتتكلم جد ؟!
جندى 2 : من يوم ما جيت هنا وأنا نسيت اسمى ..
جندى 1 : طيب .. بلدك ؟! .. عنوانك ؟!
جندى 2 : ( فى ألم ) مش فاكر .. مش فاكر حاجة خالص .
جندى 1 : ( فى شرود ) مستحيل .
جندى 2 : ( فى حزن وانكسار ) أنا حتى مش فاكر أنا جيت المعسكر ده إمتى .. راسى دى كأنها 
              مليانة هوا .. كل شىء فى عقلى ممسوح .. مش فاكر أى حاجة .. مفيش فى دماغى
             غير صورة الرصاص .. والقنابل .. وجثث الموتى .. والباقى ضلمة .. مش عارف 
              إيه اللى حصل لى .. أنا حتى مش فاكر ملامحى .. صورتى فى المراية تاهت من 
    خيالى .. يعنى لو شوفتنى دلوقتى .. مش هاعرفنى .. مش فاكرنى ..  
   ( يضحك بمرارة ) تصور .. أنا مش فاكرنى .. أنا مش عارفنى من أساسه .
جندى 1 : ( فى شرود ) غريبة !!
جندى 2 : وأنت ؟!
جندى 1 : ( فزعاً فى ارتباك ) أنا ؟!
جندى 2 : أيوه .. اسمك إيه ؟!
جندى 1 : ( فى ألم ) فكرك هاختلف عنك كتير ؟!
جندى 2 : يعنى إيه ؟!
جندى 1 : الحال من بعضه .. أنا كمان .. لا اسم .. ولا سن .. ولا عنوان .. مجرد نمرة .. مش  
               فاكر غير نمرة .. مش فاكر غير نمرة حفظوها لى فى المعسكر .
جندى 2 : ( فى بكاء ) يعنى إيه ؟! .. خدوا أسامينا مننا ؟!
جندى 1 : قصدك خدوا عقولنا .. برمجونا .
جندى 2 : برمجونا ؟! .. هما مين دول ؟!
جندى 1 : مش عارف .
جندى 2 : أمال مين اللى يعرف ؟! .. مين ؟!
جندى 1 : ما سبتش واحد فى المعسكر ما سألتوش ..
جندى 2 : إزاى ؟! .. والكلام ممنوع .
جندى 1 : خالفت التعليمات .. ويا ريتنى وصلت لحاجة .. كلنا مجرد نمر .. أرقام يحركوها 
             زى ما هما عايزين .. وقت ما هما عايزين .. تمام زى عساكر الشطرنج .. من غير 
             ما يكون لنا أى حق فى الاعتراض .. أو التفكير ..
جندى 2 : ليه ؟! .. ليه ؟!
جندى 1 : عشان لو فكرت .. هاتعب .. ولو تعبت هاتشتكى .. وهما مش عايزينك تشتكى .. 
              عايزينك تسمع وتنفذ وبس .. كأنك ترس فى آلة من غير مشاعر أو إحساس .
جندى 2 : ( فى ألم ومعاناة ) أنا إيه اللى خلانى أتكلم ؟! .. ما كنت مرتاح وفى حالى .. ياريتنى 
              سمعت الأوامر والتزمت الصمت .
جندى 1 : تانى بنهرب ؟! .. بعد ما عرفت المصيبة اللى إحنا فيها ؟!
جندى 2 : مصيبة إيه ؟! .. أنا ماعرفتش حاجة .. بالعكس أنا تهت أكتر ما أنا تايه .. ومش 
              عايز أتوه أكتر من كده .. أرجوك كفاية لحد كده ..
جندى 1 : أنت فاكر إنك كده ارتحت ومشاكلك اتحلت ؟! .. لازم تواجه نفسك .
جندى 2 : ( فى حدة ) نفسى ؟! .. نفسى اللى مش عارفها ؟! .. ده أنا حتى مش فاكر شكلى إيه.
جندى 1 : خلاص .. دى البداية .. حاول تفتكر ملامحك .. نفتكر ملامحنا .. يمكن نقدر نوصل 
               لحاجة .
جندى 2 : إزاى ؟! .. أنا مش معايا مرايا .. والأجسام الموجودة هنا كلها طافية مافيهاش 
              سطح عاكس .. هانشوف وشوشنا فين ؟!
جندى 1 : أنا عندى حل .
جندى 2 : إيه ؟!
جندى 1 : عنيك .
جندى 2 : إيه ؟!
جندى 1 : وعنيا .
جندى 2 : إزاى ؟!
جندى 1 : ممكن تشوف نفسك جوه عنيا .. وأنا أحاول أشوف نفسى جوة عنيك .. ده الحل 
             الوحيد .. يللا .. ركز فى عنيا كويس .. فى الننى .. حاول تشوف صورتك معكوسة 
             جواها ..
 ( يقتربان قى محاولة  للتركيز فى عيون بعضهما الآخر )
جندي1   : ها .. شوفت إيه ؟!
جندى 2 : ( فى يأس ) بأحاول أهه .. وأنت شوفت نفسك ؟!
جندى 1 : غريبة .. مش شايف حاجة .. مش شايف أى حاجة .
جندى 2 : ولا أنا .. أنت عنيك منغششة .                                                                    
جندى 1 : لأ .. أنت اللى عنيك بايظة .
جندى 2 : ما تغلطش .
جندى 1 : المفروض أشوف صورتى معكوسة فى عنيك .
جندى 2 : ما أنا كمان ما شوفتش حاجة .. مافيش حد أحسن من حد .
جندى 1 : عندك حق .. كلنا فى الهوا سوا .. حتى ملامحنا .. مش لاقينها .
جندى 2 : أنا تعبت .
جندى 1 : لأ .. أرجوك .. لازم نحاول .. مرة واتنين وألف .. ماحدش عارف لو فضلنا عالحال 
               ده ممكن يضيع مننا إيه تانى .
جندى 2 : ما إحنا ممكن نكتشف حاجات تانية ضاعت مننا لو فضلنا نفكر بالشكل ده .
جندى 1 : على الأقل نعرف .
جندى 2 : نعرف ؟! .. قصدك نعرف إننا مش عارفين ؟!
جندى 1 : ليه لأ .. وندور على اللى ضاع مننا .. أول خطوة للبحث عن شىء مفقود منك 
                .. إنك تعرف إنك  فقدته .
جندى 2 : أنا مش فاهم حاجة .
جندى 1 : يبقى حاول تفهم .. ما تقفش تتفرج وبس .. لأنك طرف فى معركة .. تقدر تقول لى 
              احنا بنحارب مع مين ؟. وضد مين ؟.. وعشان إيه ؟! .. تقدر تقول لى احنا فين ؟!
جندى 2 : ( فى ارتباك ) فين ؟!!
جندى 1 : ( بإصرار ) أيوه فين ؟! .. فى أى بلد ؟! .. فى أنهو قارة ؟!
جندى 2 : ( فى معاناة ) لأ .. أرجوك .. كفاية كده .. حرام عليك .. أنا مش حمل الأسئلة دى كلها.
جندى 1 : ماتحاولش تهرب تانى .. أرجوك جاوبنى .
جندى 2 : لأ .. أنت شرير .. عايز تخوفنى .
جندى 1 : أنت فعلاً خايف .. والدليل إنك خايف تتكلم .. خايف تفكر .
جندى 2 : ( فى ألم ) أبوس إيدك كفاية .. أنت عايز منى إيه ؟! .. عايز منى إيه ؟!
جندى 1 : أنا زيى زيك صدقنى .. لازم تساعدنى .
جندى 2 : وليه ما تفكرش أنت ؟! .. أسأل نفسك يا أخى .
جندى 1 : حاولت وما عرفتش .. جايز لما نفكر سوا نقدر نوصل .
جندى 2 : نوصل لإيه ؟! .. أنت أكيد حد مسلطك عليا .. أنت جاسوس من القيادة عشان 
              تجرجرنى فى الكلام .. عايز تشوف آخرى إيه .. مش كده ؟!
جندى 1 : أنا ؟! .. أنا يا نمرة ؟!
جندى 2 : ما تقوليش يا نمرة .
جندى 1 : أمال أقول لك إيه ؟!
جندى 2 : مالكش دعوة .. مالكش دعوة بيا .. فاهم ؟! .. مالك أنت ومال اسمى ؟! .. دخلك إيه 
              عشان تحشرنفسك فى خصوصياتى .
جندى 1 : ( ينفجر بالضحك فى سخرية ممزوجة بالمرارة )
جندى 2 : بتضحك ؟! .. بتضحك على إيه ؟! ..
جندى 1 : ( مازال غارقاً فى الضحك ) على خصوصياتى دى .. أنت لك خصوصيات ؟! ..  
              ( يضحك بشدة ) يا ابنى ده أنت ناسى نفسك .. ناسى شكلك .. خصوصياتك آل..    
  ( يضحك )
جندى 2 : ( فى غضب وغيظ ) أنت قاصد تستفزنى م الأول .. عايز تلخبطنى .. تحيرنى .. أنا 
              فعلاً نسيت اسمى .. وبقيت مجرد نمرة فى قايمة عساكر .. نسيت عنوانى .. حتى 
              صورتى .. تاريخ ميلادى .. بس عارف احنا فين ؟!
جندى 1 : بجد ؟!
جندى 2 : أيوه .. أنا سمعتهم .. آه .. فى الطيارة .. جابوا سيرة فيتنام .
جندى 1 : ( ينفجر بالضحك ) فيتنام ؟! .. دى حرب انتهت من سنين .
جندى 2 : أرجوك .. ما تقاطعنيش .. ما تلخبطنيش .. قالوا فى المعسكر .. إننا رايحين .. 
              كوسوفا .. لأ ..  سراييفو .. لأ .. لأ .. العراق .. لأ احنا فى الصومال .. لا .. لا ..   
              جنوب لبنان ..  فى .. فلسطين .. لأ .. إحنا في سوريا لأ اليمن ... ليبيا .. لأ .. أنا 
              هاقولك  ( يرتعد بشدة ) الدنيا برد .. احنا فى روسيا .. فى الشيشان .. أفـ .. أفـ
              .. أفغانستان . .
جندى 1  : ( يضحك بمرارة ) مسكين .. مسكين يا نمرة .. ماتتعبش نفسك .. مفيش فايدة .. 
                ضعت فى قلب الدنيا الواسعة .. تهت فى وسط الحرب القايدة .
جندى 2  : يعنى إيه ؟! .. أنا تهت ؟! .. ضعت ؟! .. لأ ..( فى ثورة وهياج ) لأ .. أنا عايز 
             اسمى .. رجعولى اسمى ..( ينزع شارته ) خذوا نمرتكم مش عايزها .. ورجعونى تانى.
جندى 1  : ( فى توتر ) بتعمل إيه يا مجنون ؟!
جندى 2  : سيبنى .. ابعد عنى .. مالكش دعوة بيا .
جندى 1  : اعقل يا نمرة .. لو حد لمحك م القيادة ها نروح فى داهية .
جندى 2  : داهية ؟! .. أكتر من اللى احنا فيها ؟!.. أنا لازم أعرف دلوقتى حالاً .. أنا مين؟! 
            .. وليه ؟! .. وعشان إيه ؟! .. وفين ؟! .. وإزاى ؟! .. وإمتى ؟! .. أسئلة كتير فى 
            دماغى لازم ألاقيلها إجابة.. وإلا دماغى هاتنفجر .
( فجأة تدوى أصوات انفجارات وطلق نارى .. صوت القائد ينطلق فى كل مكان – صفارات إنذار من مصادر
متعددة )
جندى 1       : إيه ده .. الظاهر فى غارة ..
صوت القائد : ( فى حسم ) تحذير عام .. تحذير عام .. على جميع القوات التأهب التام .. أكرر                    تحذير عام ..
( يكرر النداء وسط احتدام القتال )
جندى 1    : مكانك بسرعة يا نمرة .
جندى 2    : ماتقوليش يا نمرة .
جندى 1    : فوق بأه .. وخد مكانك .. امسك سلاحك ماتضيعش وقت .
جندى 2    : مش قبل ما أعرف أنا إيه ؟!
جندى 1    : ( يدفعه إلى مكانه فى عنف ) ما احنا لو متنا مش هانعرف حاجة ..
                (ثم  صارخاً بعنف ) حاسب يا نمرة  .. خد بالك ..
             
نسمع صوت  انفجار مدوى – مع المؤثرات الضوئية المناسبة .. ثم يسود ..


إظلام
























المشهد الثانى
" نفس المشهد السابق – ميدان القتال وقد بدت آثار الدماء واضحة ، جثث الجنود متناثرة هنا وهناك ، جندى 1 و 2 يرقدان فى إعياء ووهن شديد – إضاءة شاحبة بلون الدم "
جندى 1 : ( يعتدل فى رقاده فى ألم شديد ) آه .. آه .. ( يتلفت فى قلق ) إيه ده ؟! .. أنا فين ؟! ..  
               (يسعل)  إيه الدخان ده كله ؟! .. مش قادر آخد نفسى .. وإيه الريحة الفظيعة دى ؟! 
               .. ( يحاول النهوض - يتعثر فى إحدى الجثث – يصرخ رعباً ) آه ؟! .. إيه ده ؟! .. 
          كل دى جثث ؟! .. كل دول ميتين ؟! .. ( فى رعب ) هوه إيه اللى حصل ؟! .. 
( يفحص إحدى الجثث – يفاجأ بالرأس تنفصل فى يديه )
    لأ .. مش ممكن اللى بيحصل ده .. أنا أكيد فى كابوس .. ( يتلفت فى حيرة ) مفيش حد 
     يكلمنى ؟! .. مفيش حد بيطلع فى الروح حتى ؟! .. مفيش طريق ؟! .. مفيش سكة 
    .. مفيش أى معالم للمكان المخيف ده ؟! .. 
( يتعثر فى جسد جندى 2 الذى يصرخ فى ألم – ينتفض جندى 1 رعباً )
جندى 2 : آآآه ..
جندى 1 : ( فى رعب ) آه .. مين ؟!
جندى 2 : أنت اللى مين ؟!
جندى 1 : ( يتفقد وجهه فى توتر ) هوه أنت ؟!
جندى 2 : ( فى تلقائية ) أيوه .. أنا .. ( فى استفسار حائر ) أنا مين بأه ؟
جندى 1 : مش عارف .
جندى 2 : ( يضحك فى مرارة ) ما أنا عارف .
جندى 1 : أنت بتضحك ؟! .. قوم شوف احنا فين ؟!
جندى 2 : فين ؟!
جندى 1 : مش عارف .
جندى 2 : واحنا من امتى عارفين حاجة ؟! .. ( يحاول النهوض ) آه .. ( فى ألم ) آه .. 
               إيه الألم ده ؟! ..
             ( يتأمل يده فى هلع ) دم ؟! .. دم ؟!
جندى 1 : واضح إنك نزفت كتير .. جرحك أكبر من جرحى .
جندى 2 : أنت كمان مجروح ؟! .. ليه ؟! .. إيه اللى حصل ؟! .. أنا مش فاكر حاجة .. 
               ( يتلفت بحيرة ) إيه الجثث دى كلها ؟! .. آه افتكرت .. المعركة !!
جندى 1 : قصدك المجزرة .
جندى 2 : شىء بشع .. شىء فظيع ..
جندى 1 : الرصاص كان طاير فى السما زى المطر .. والنار قايدة فى كل مكان .. ماكنتش  
              قادر أميز مين معانا .. ومين علينا .
جندى 2 : ( يتأمل كفيه فى هلع ) دم ؟! .. دم ؟! .. كل شىء بلون الدم .. الأرض بلون  
             الدم .. التراب .. والسما .. والهوا .. حتى المية بلون الدم .. لأ .. دى عنيا هيه  
             اللي بتنزف .. كل حتة فى جسمي  فيها جرح .. جرح كبير .
جندى 1 : ( يحاول سد أذنيه بكفيه فى معاناة ) صوت القنابل والرصاص غطى على كل شىء ..  
                حتى أنات الألم .. الدمار كان بيزحف .. بيعوى زى غول وسط غابة .. كان 
                 قاصدنى .
جندى 2 : ليه ؟! .. ليه ؟! .. ليه ده كله ؟!
جندى 1 : عشان دى حرب .. يعنى موت .. قاتل ومقتول ..
جندى 2 : وليه ما أكنش أنا القاتل ؟!
جندى 1 : وليه ماتكنش المقتول ؟!
جندى 2 : عشان أنا ما أعرفش حاجة .. ماعملتش حاجة .. عشان أنا ولا حاجة .. ( يبكى ) .. 
              أنا ولا حاجة ؟! .. يبقى لازم أموت زى أى حشرة .. لازم انداس بالرجلين زى أى 
              ورقة شجر انقطعت من أصولها .. لازم أموت عشان أنا ولا حاجة .. نكرة ..  
             هاموشة فى دنيا واسعة مالهاش آخر .. صرصار فى غابة كبيرة .. مالهاش قانون .. 
               أموت ؟! .. إزاى ؟! .. وأنا أصلاً ما أعرفش يعنى إيه حياة ؟!
جندى 1 : ماتجهدش نفسك بالكلام .. جرحك بينزف .
جندى 2 : ( فى استرسال شرود ) حطوا السلاح فى ايديا .. سألتهم بدهشة .. إيه ده ؟! .. قالولى 
             .. ماتخافش .. شىء لزوم الشىء .. ماكنتش فاهم ساعتها .. خدت السلاح وسكت .. 
            دلوقتى بس فهمت .. شىء لزوم الشىء .. السلاح .. لزوم .. الموت .
جندى 1 : ( فى ألم ومعاناة ) أرجوك .. جرحك بينزف .. دلوقتى ييجوا ينقذونا .
جندى 2 : هما مين ؟! .. خلاص .. احنا انتهينا يا نمرة .. مفيش أمل .. مفيش ..  
 ( يهوى فى إغماء )
جندى 1 : ( فى ألم ورعب ) لأ .. لأ يا نمرة .. دايماً فى أمل .. مش لازم نستسلم .. اوعى تموت . 
              ماتسبنيش لواحدى .. طيب .. مش نعرف الأول احنا مين ؟! .. وليه ؟! .. وفين ؟! 
             .. هانموت كده ؟! .. تايهين ؟ .. وأى توهة .. لا اسم .. ولا سن .. ولاعنوان ؟!
( يبكى – يغمض عينيه فى ألم وينكفىء على جسد جندى 2 فى إغماء )
( لحظات صمت رهيب – يظهر من أقصى عمق المسرح ومن قلب الظلام ظل المجذوب – فى منظر مهيب مخيف
وقد أخفى الظلام ملامحه فأضفى عليه غموضاً ورهبة – أشعث الشعر – ممزق الثياب – يتحسس الجثث ويقلبها بعصا غليظة فى يده .. إلى أن يصل إلى جسد جندى 1 و جندى 2 .. يفحصهما فى فضول .. أثناء ذلك يصدر أصواتاً مبهمة كالخوار أو الحشرجة )
المجذوب : ( يضحك بوحشية وهو يفحصهما فى جنون ) الدماغ .. الدماغ ..
               ( ينصت إلى رأس  جندى 1 ) لسه .. لسه فيها .. (ثم هامساً فى جنون ) الدماغ .

إظلام




المشهد الثالث
" المكان أشبه بكهف أو مغارة فى بطن الجبل – عدة منافذ تؤدى إلى ممرات وسراديب داخل الجبل – إضاءة خافتة تنبعث من شعلة أو مصباح بدائى معلق على الجدار الصخرى "
جندى 1 وجندى 2 ممددان فى إعياء فى أرض الكهف – يتململان فى ألم – يفيقان من غيبوبتهما فى إرهاق وإعياء – ينهضان فى دهشة وحيرة ممزوجة بالألم – لا ينتبه كل منهما لوجود الآخر )
جندى 2 : آآه ..
جندى 1 : آه .. آه يا دماغى .
جندى 2 : آه يا ضهرى .. مفاصلى كلها سايبة .
جندى 1 : ( يتأمل المكان فى دهشة ) غريبة ؟! .. أمال فين الجثث ؟! .. فين باقى الأموات .
جندى 2 : ( ينتبه فى ذعر ) آه صحيح .. أنا آخر حاجة فاكرها وأنا باطلع فى الروح ..  
               ( يتأمل المكان بفزع )  تكونشى هيه دى جهنم اللى بيقولوا عليها ؟!
جندى 1 : وليه ما تكونش الجنة ؟! .. أنا ما عملتش حاجة تودينى النار .. بس الجنة هاتكون 
              ضلمة كده ؟! .. وخانقة كمان .. أمال فين الملائكة ؟! .. فين الحور العين ؟!
جندى 2 : مافيش حد هنا واللا إيه ؟!
جندى 1 : لازم يكون فى حد تانى .. ( ينادى ) يا .. ( يتوقف بحيرة ) يا أى حد .. رد عليا .
جندى 2 : ( يتلفت فى دهشة ) مين ؟!
جندى 1 : أنت اللى مين ؟!
جندى 2 : إنس واللا جن ؟! .. ملاك .. واللا شيطان ؟! .. وإن كنت ملاك .. من بتوع الجنة .. 
              واللا من بتوع الجحيم ؟!
جندى 1 : أنا بنى آدم .. إنسان .. وأنت ؟!
جندى 2 : ( يقترب منه ) أنا كمان .. بنى آدم .. ( يفاجآن ببعضهما )
الاثنان : ( يهتفان فى خيبة أمل ) أنت تانى ؟!
جندى 1 : أنت ورايا .. ورايا ؟!
جندى 2 : أنت اللى كل ما أروح فى مصيبة .. ألاقيك قدامى .. أنت إيه ؟! .. موصوفلى ؟!
جندى 1 : ( فى سخرية وتهكم ) لأ .. مغرم بسواد عنيك .
جندى 2 : وجايلك نفس تهزر كمان ؟! .. ده بدل ماتشوف احنا فين ؟!
جندى 1 : فين ؟!
جندى 2 : ( فى حنق ) تانى ؟! .. أسئلة تانى ؟! .. باقولك إيه .. أنا مش هارد على سؤال واحد 
              بعد كده .. كفاية اللى حصل .. أنا مش ناقص وش .. الوش اللى فى دماغى يكفينى 
              سنتين قدام .
جندى 1 : ما هو لازم أسأل عشان أعرف .
جندى 2 : أسأل حد غيرى يا أخى .
جندى 1 : وهوه أنا شوفت حد تانى وما سألتوش ؟! .. ثم تعالى قولى !! .. أنت يا جدع أنت 
              مش مت قدام عنيا
جندى 2 : ما حصلش .. أنت اللى مت الأول .. أنا أغمى عليا بس .
جندى 1 : بس أنا ما متش .. الجرح اللى فيا ماكانش جرح موت .
جندى 2 : يعنى إيه ؟! .. احنا لسه عايشين ؟! .. ( فى سعادة غير مصدق ) مش ممكن .. مش 
              معقول .. تصور إنى افتكرت إنى رحت النار ؟! .. الحمد لله .. أحمدك يا رب .
جندى 1 : ( يتأمل يديه وجسده ) واضح إننا هنا بقالنا كتير ..
جندى 2 : عرفت إزاى ؟!
جندى 1 : مش واخد بالك إن جراحنا مالهاش أثر ..
جندى 2 : آه .. صحيح .
جندى 1 : يا ترى مين اللى عالج جراحنا ؟! .. ومين اللى نقلنا هنا ؟! .. لازم يكون حد قريب 
              من هنا .. أكيد ..
جندى 2 : معقول برضه .
جندى 1 : لازم ندور عليه ..( مشيراً إلى أحد المنافذ ) دور عليه فى السكة دى .. وأنا هادور عليه 
        .. ( يبترعبارته فى حيرة ) .. أدور فين ؟! .. إيه السراديب دى كلها ؟! .. دى حاجة تحير ..
جندى 2 : فعلاً .. لو كل واحد مشى فى اتجاه .. ممكن نتوه من بعض .. وماحدش هايعرف إيه 
             اللى حصل للتانى .
جندى 1 : مفيش حل غير إننا نستنى هنا لحد ما اللى جابنا هنا .. يرجع تانى .
جندى 2 : معقول برضه .
جندى 1 : واللا لأ .. افرض إننا مخطوفين .. واللا حد آسرنا .. جايز ده سجن .. أو قلعة 
              حصينة .. لأ .. مش لازم نستنى هنا .. لازم نتحرك قبل ما حد ييجى .
جندى 2 : يبقى رجلى على رجلك .. آه .. يانعيش سوا .. يا نموت سوا .
جندى 1 : المشكلة دلوقتى .. هانمشى فى أى اتجاه .. السراديب كلها زى بعض .. مفيش أى  
              علامة أو دليل .
جندى 2 : أنا أول مرة أشوف سجن مفتوح عالبحرى كده .. لا قفص .. ولا سجان .. ولا 
              قضبان .. ولا حتى باب مقفول .
جندى 1 : ما هى دى المصيبة .. أكتر من باب مفتوح .. ولنا مطلق الحرية نختار أى واحد 
              منهم .. ومع ذلك واقفين محتارين .. فعلاً الحرية أكبر سجن فى الدنيا .
جندى 2 : حرية ؟! .. واحنا كده أحرار ؟!
جندى 1 : طبعاً .. قدامنا أكتر من باب مفتوح .. ولنا مطلق الحرية نختار أى واحد منهم .. ومع 
              ذلك واقفين متكلبشين .. لأننا لازم نتحمل مسئولية الاختيار ده أياً كان .
جندى 2 : ولو إنى مش فاهم حاجة .. بس حاسس إنك بتتكلم صح .
جندى 1 : ( تبرق عيناه فجأة فى قلق ) مش يمكن يكون اختبار ؟!
جندى 2 : ( فى عدم فهم ) اختبار ؟!
جندى 1 : أو لعبة .
جندى 2 : لعبة ؟!
جندى 1 : ليه لأ .. حد بيلعب بينا .. بيتسلى .. زى لعبة الفار والمتاهة .
جندى 2 : ( فى مرح ) آه .. فاكرها .. أنا كنت باحب اللعبة دى قوى .. الفار يفضل يلف ويدور 
  حوالين نفسه .. تايه جوه المتاهة .. و .. ( فجأة ينتبه فى غضب ) إيه .. قصدك إيه ؟!               إننا دلوقتى الفيران ؟! .. وحد بيـ .. لأ ..
جندى 1 : ليه لأ ؟!
جندى 2 : أنا لا يمكن أكون فار فى متاهة .. ولا فار فى بلاعة حتى .. أنا بنى آدم .. إنسان 
               محترم .
جندى 1 : قصدك نمرة محترمة .
جندى 2 : أى حاجة .. بس مش فار .. أنت عارف الفار آخر ما بيتعب ويتوه بيجراله إيه ؟! .. 
              وحتى لو خرجنا من المتاهة .. فكرك اللى بيلعب بينا هايسيبنا ؟! ..
جندى 1 : ( يفحص جدران الكهف بدقة ) طبعاً لأ .. عشان كده أياً كان اللى احنا فيه .. 
               لازم نتحرك بسرعة .
جندى 2 : أنت بتعمل إيه ؟!
جندى 1 : بادور على أى كاميرات مراقبة .. أو مفاتيح خفية .
جندى 2 : أنت مش بتقول لازم نتحرك بسرعة .. هانعمل إيه بالكاميرات واللا المفاتيح .. 
                مادام عارفين أنه بيراقبنا .
جندى 1 : احنا لسه مش متأكدين .. ده كان مجرد احتمال .
جندى 2 : احتمال ؟! .. واحنا لسه هانحط احتمالات .. لازم نقطع الشك باليقين ..
جندى 1 : عندك حق .. يللا بينا .. ( يتحركان فى اتجاه أحد السراديب – يتوقفان فجأة عند بابه )
جندى 1 : اشمعنى الباب ده بالذات اللى اخترناه ؟!
جندى 2 : مش عارف .. تحب نروح فى اتجاه تانى ؟!  
جندى 1 : مش عارف .. خايف يكون التردد ده مش فى صالحنا .
جندى 2 : خلاص .. نكمل .. مادام ده اختيارنا الأول .. واللى يحصل يحصل .. هيه موتة واللا 
              أكتر ؟!
جندى 1 : عندك حق .
( يواصلان اندفاعهما تجاه السرداب – فجأة ينبعث صوت وقع أقدام مع حفيف وأصوات مختلطة مع صدى صوت – يتوقفان فى ترقب وحذر تدور أعينهما على الأبواب فى تتبع للصوت )
جندى 2 : إيه ده ؟! .. سامع الأصوات دى ؟!
جندى 1 : الظاهر فيه حد جاى .
جندى 2 : والعمل ؟!
جندى 1 : نعرف الصوت جاى من أى اتجاه .. وبعد كده نفاجأ اللى جاى .
جندى 2 : وافرض كان معاه سلاح ؟!
جندى 1 : عندك حل تانى ؟!
جندى 2 : طبعاً لأ .
جندى 1 : الصوت جاى من هنا . ( مشيراً لأحد الأبواب )
جندى 2 : ( مشيراً لباب آخر ) لأ .. من هنا .
جندى 1 : ركز كويس .. اللى عندك صدى صوت .
جندى 2 : وليه ما يكونشى اللى عندك أنت هوه اللى صدى ؟!
جندى 1 : باقولك إيه .. خليك عندى .. وأنا عندى اللى يطلع من عنده يهجم عليه الأول 
             والتانى يبقى يساعده .
جندى 2 : معقول برضه .
جندى 1 : أنت ماعندكش غير الكلمة دى ؟! ..
جندى 2 : ( مشيراً بالصمت ) شوش .. الصوت قريب جداً .. خد بالك كويس .
جندى 1 : ( يتخذ مكانه فى ترقب ) حاضر .
( يتخذ كل منهما موقعه فى تحفز – يتصاعد الصوت تدريجياً فى اقتراب – يرقبان البابين وقد تقلصت عضلات وجهيهما .. يظهر المجذوب من باب مخالف تماماً لما يرقبان – يقف متأملاً الجنديين فى صمت وترقب – وهما لا يزالا ينصتان بتركيز شديد )
جندى 1 : ( ينصت فى دهشة ) غريبة .. الصوت اختفى !!
جندى 2 : أنا مش سامع حاجة .. يمكن كان بيتهيأ لنا ؟!
جندى 1 : بيتهيأ لنا احنا الاثنين فى وقت واحد ؟! .. مستحيل .. الصوت كان حقيقى .
جندى 2 : امال راح فين ؟!
جندى 1 : ( ملتفتاً ) مش عارف .
( يفاجآن بوجود المجذوب – يصرخان فى رعب )
جندى 2 : ( صارخاً فى خوف ) مين ده ؟!
جندى 1 : طلع لنا منين ده ؟! .. أنت مين ؟!
جندى 2 : ( فى هلع ) أنا ؟! .. أنت ؟! .. احنا ؟! .. ( فجأة ) إيه ؟! .. عايز مننا إيه ؟!
جندى 1 : ( يقترب من المجذوب فى حذر ) أنت مين ؟!
جندى 2 : ( فى رعب ) أنا ما عملتش حاجة .. ماليش دعوة بأى حاجة .. وما أعرفش حاجة من 
               أساسه .
( المجذوب يضحك فى صمت وقد برزت نواجذه )
جندى 2 : إلحق .. ده بيضحك .. لأ .. ده بيسن سنانه .. ( للمجذوب ) باقولك إيه .. اسمع يا جدع 
              أنت .. لو قربت منى مش هايحصلك طيب .. آه .. أنا لحمى مر .. يعنى ممكن يعملك 
            عسر هضم .. ده غير الحموضة .. ويمكن يجيب لك أملاح كمان .. أنا قلبى عليك .. 
            هاتندم .
جندى 1 : ( يتأمل المجذوب ) أنا متهيألى .. شوفتك قبل كده .
جندى 2 : ليه ؟! .. كان ليك الشرف .. وبلعك قبل كده ؟!
جندى 1 : أيوه .. فى المعسكر .. افتكرت .. مش ده المجذوب اللى كان أحياناً بيظهر فى 
             المعسكر وبعدين  يختفى كأن الأرض انشقت وبلعته .. أيوه هوه .
جندى 2 : آه صحيح .. ده أنا كنت فاكره شبح .. أو عفريت .. هوه ؟! ..هوه مابيتكلمش ليه ؟! 
              .. وإيه اللى جابه معانا هنا ؟! ..
جندى 1 : مش يمكن هوه اللى جابنا هنا ؟! ..
جندى 2 : ( فى رعب ) حلو .. يبقى عفريت .. أنا كان قلبى حاسس .
جندى 1 : عفريت إيه أنت كمان .. ما أنت شايفه قدامك أهه .. بنى آدم زينا .. من لحم ودم
جندى 2 : ( فى اعتراض ) بنى آدم آه .. إنما مش زينا .. ده مجنون .
جندى 1 : ده إيه العنصرية دى ؟! .. مش جايز المجنون اللى مش عاجبك ده هوه اللى يدلنا 
              على الحقيقة ؟!
جندى 2 : أنهو حقيقة ؟! .. أنا دماغى خلاص .. بقت فى الطراوة .. مش عارف أنا أصلاً 
              كنت عايز أعرف إيه ؟! .. ما بقتش عارف أنا مش عارف إيه ؟!
جندى 1 : أنت بتهلوس يا نمرة ؟!
جندى 2 : ( فى حيرة ومعاناة ) دماغى .. باقولك دماغى .
المجذوب : ( يكرر فى سعادة ) الدماغ .. لسه فيها .. الدماغ .
جندى 1 : إلحق يا نمرة .. ده بيتكلم ..
جندى 2 : أمال عايزه كمان يكون أخرس ؟! .. أهو ده اللى كان ناقص .. المهم دلوقتى نعرف 
               نخرج من الخنقة دى .
جندى 1 : مش نعرف الأول إحنا فين ؟! .. ( للمجذوب ) إحنا فين ؟ .. أرجوك .. 
              لازم تساعدنا .. إحنا فين ؟!
المجذوب : ( فى هدوء عجيب ) فى بطنها .
جندى 1 : بطنها ؟! .. هيه مين ؟!
المجذوب : البطن حنت .. رجعت تانى لبطنها .
جندى 2 : ( فى استنكار ) بطن مين ؟! .. أما صحيح مجنون .. يعنى أنا دلوقتى فى بطن أمى؟! 
               .. طب إيه اللى جابكو معايا ؟!
جندى 1 : بطن أمك إيه أنت كمان ؟! .. ( يتأمل المكان ) يمكن قصده بطن الأرض !! ..  
             ( للمجذوب ) مش هوه ده قصدك ؟
المجذوب : ( فى حزن ) الأرض ؟! .. مسكينة .. شالتنا سنين على ضهرها .. واستحملتنا .. 
             لا يوم تعبت .. ولااشتكت .. واحنا ناكرين الجميل .. كفر .. وضلال .. وقلوب 
             ماليها السواد .. ونفوس بتطفح بالخراب .. ودلوقتى .. جايين نتحامى فى بطنها .
جندى 2 : ( فى دهشة ) إلحق يا نمرة !! .. سامع بيقول إيه ؟! .. ده كلام واحد مجنون ده ؟!
جندى 1 : فعلاً .. ده طلع أعقل منى ومنك .. ومن عشرة زينا .. ( للمجذوب ) أنت إيه حكايتك   
              بالظبط ؟!
المجذوب : ( فى شرود ) الدماغ .
جندى 2 : ( للمجذوب ) لأ .. باقولك إيه .. أمور الجنان دى سيبك منها .. إذا كنت مجنون قيراط 
             .. فأنا أجن منك .
المجذوب : ( يضحك فى سخرية ) مجنون .. وعاقل .. عاقل ومجنون .. إيه الفرق ؟!
جندى 2 : تبقى عاقل .. وكنت بتضحك علينا ؟! .. أمال عامل مجنون ليه ؟!
المجذوب : بأحاول أهرب .
جندى 1 : تهرب ؟! .. من إيه ؟!
المجنون : من دماغى .
جندى 2 : ( فى حيرة ) تبقى مجنون .. حد يهرب من دماغه ؟!
المجذوب : الدماغ .. ( يمسك رأسه فى ألم ) الدماغ .. فيها إيه غير الألم والحيرة .. آه .. صداع 
               رهيب .. لو ما كانتش موجودة .. يمكن كنت ارتحت .
جندى 1 : عشان كده عايز تهرب منها ؟!
المجذوب : يا ريت .. يا ريت أعرف أخلص منها ؟!
جندى 2 : ما أنت فقرى صحيح .. وفاكر إنك لما تعمل مجنون هاتتجنن بجد ؟! .. ماكنش حد 
              غلب .
جندى 1 : استنى يا نمرة .. ( للمجذوب ) معنى كلامك ده .. إنك عاقل .. وواعى تماماً للى 
              بيحصل حوالينا .
المجذوب : للأسف .
جندى 1 : للأسف ليه ؟! .. ده عز الطلب .. ده إحنا ما صدقنا لاقينا حد عارف حاجة فى 
               المعسكر ده .
المجذوب : معسكر إيه ؟! .. أنت لسه فاكر ؟! .. المعسكر دلوقتى بأه كوم فحم .. ماحدش نجا 
              منه غيركم أنتم وبس .
جندى 2 : أنت بتقول إيه ؟! .. أمال إحنا هانعمل إيه دلوقتى .. هانروح فين ؟!
المجذوب : زعلان ؟! .. زعلان عشان أنقذت حياتكم ؟! .. كنت عايزنى أسيبكم وسط النار 
                 والدمار ؟! .. ده بدل ما تشكرونى ؟!
جندى 1 : طبعاً إحنا لازم نشكرك عالمعروف ده .. بس هوه مايقصدش كده .. هوه قصده إننا 
              مانعرفش أى مكان تانى غير المعسكر .. يعنى دلوقتى هانروح فين ؟!
المجذوب : وتروحوا ليه ؟! .. أنا أنقذتكم عشان تفضلوا معايا .. ده أنا ما صدقت لاقيتكم .
جندى 2 : نعم يا خويا ؟! .. أنت كنت بتنقذنا عشان تستعبدنا وتحبسنا معاك فى الخية دى .
جندى 1 : ( فى قلق وريبة للمجذوب) قصدك إيه بالظبط ؟! .. أنت إيه حكايتك يا جدع أنت ؟! .. 
              وإيه المكان اللى أنت جايبنا فيه ده ؟!
المجذوب : أرجوكم ماتخافوش منى .. ده أنا ما صدقت .
جندى 1 : ماصدقت إيه ؟!
المجذوب : ماصدقت ألاقى حد فى المعسكر لسه دماغه فيه .. لسه عنده أمل .. لسه عنده 
               الرغبة إنه يعرف .
جندى 2 : يعنى كنت بتتجسس علينا .. كنت بتراقبنا ؟! .. عشان كده خطفتنا ؟!
المجذوب : بالعكس .. ده أنا حاولت أساعدكم .. لما لاقيتكم تايهين فى حيرتكم .. غرقانين فى 
                بحر من أدوات الاستفهام والتعجب .. قلت لازم أقف جنبكم وأساعدكم .
جندى 1 : أفهم من كده إنك عارف ؟!
المجذوب : ( فى تحفظ وحذر ) عارف إيه بالظبط ؟!
جندى 2 : عارف إحنا مين ؟! .. وليه ؟! .. وعشان إيه ؟!
المجذوب : يعنى .
جندى 1 : ( فى عنف وثورة ) يعنى إيه ؟! .. لما أنت عارف سايبنا ليه تايهين ؟!
المجذوب : عشان السؤال ده بالذات .. لازم إنتوا اللى تجاوبوه .. لازم توصلوله بعقولكم .
جندى 2 : ( فى حسرة ) عقولنا ؟! .. هيه فين ؟! .. ماخدوها مننا .. برمجونا .. مسحوها .
المجذوب : غلط .. والدليل إنكم لسه أحياء .. لسه بتناقشوا .. وتسألوا .. لسه بتثوروا .. 
    وتغضبوا .. لسه بتشكوا وتخافوا .. لسه بتفكروا .. ( يمسك برأسيهما ) معقولالراس 
    دى تبقى فاضية .. مافيهاش عقل .. لأ .. لسه فيها .. والدليل شعاع الأمل اللى طالع 
    من العينين .. مافيش حياة من غير دماغ .
جندى 2 : يعنى إيه ؟! .. ماخدوش عقلى .
المجذوب : ياخدوه إزاى .. مايقدروش .. أمال أنا جبتكم أنتم بالذات ليه .. عشان دماغكم لسه 
                فيها روح.
جندى 1 : يعنى إيه ؟!
المجذوب : يعنى عقلك جوه راسك .. ويبقى مجنون اللى يقول غير كده .
جندى 1 : أمال اللى بيحصل لنا ده اسمه إيه ؟!
المجذوب : ممكن تسميه غفلة .
جندى 1 : غفلة .
المجذوب : أو غياب ..
جندى 2 : أنا مش عايز فلسفة .. لو كنت عارف إجابة واضحة وصريحة قولها على طول .. 
               أنا مش ناقص غربة .
المجذوب : ( مسترسلاً ) وممكن نسميها غربة .
جندى 2 : ( فى ضجر ) أنت هاتدخلى قافية ؟! .. لو كنت عارف حاجة قولها .. 
               بلاش إحنا مين ؟! .. إحنا فين؟!
المجذوب : فى أرض الله الواسعة .
جندى 1 : فين يعنى بالظبط ؟!
المجذوب : ودى تفرق كتير .
جندى 1 : طبعاً .. عالأقل نلاقى خيط .. طيب إحنا إمتى ؟! .. سنة كام ؟! .. شهر إيه ؟! .. 
              يوم إيه ؟! .. بالنهار واللا بالليل .. قول أى حاجة .. أى معلومة .
المجذوب : كل ده مش مهم صدقونى .. فى حاجات تانية أهم بكتير .
جندى 2 : إحنا يا سيدى مش طماعين .. كفاية علينا نعرف إحنا مين ؟! .. وفين ؟! .. 
               وإمتى ؟! .. وكتر ألف خيرك .
المجذوب : هاتعرفوا .. أكيد هاتعرفوا .. اللى يسأل لازم يعرف .
جندى 2 : ما إحنا بنسأل أهه .
المجذوب : ما تسألنيش أنا .. أسأل نفسك .. دورها فى دماغك .
جندى 2 : تانى هايقول دماغك .. ماقولنا خربت .. ماعادتش جايبة همها .
المجذوب : لأ .. ماتقولش كده .. لو خربت .. تبقى النهاية قربت .. يبقى خلاص .. مافيش أمل .
جندى 2 : ( فى ثورة ) على فكرة .. أنت باين عليك نصاب .. وبتسرح بينا .. وأنت زيك زينا 
               مش عارف أى حاجة فى أى حاجة .. أقطع دراعى إما طلعت نمرة أنت كمان .
جندى 1 : ( فزعاً ) دى تبقى مصيبة .. هيه ناقصة نمر؟! .. ( للمجذوب ) ماتتكلم .. ساكت ليه؟! 
              أنت فعلاً كنت مجند فى المعسكر ؟! .. ( صارخاً ) كنت نمرة من النمر ؟!
المجذوب : ( فى ألم ) كفاية .. أرجوكم .. كفاية ..
جندى 1 : تبقى فعلاً كنت نمرة .. زيك .. زينا بالظبط .. أكيد أنت لا عارف اسمك ولا سنك .. 
               ولا حتى شكلك .. بس أنت هربت زى الجبان .. وجيت استخبيت هنا زى أى  
               حشرة حقيرة .. ماقدرتش تواجه مشكلتك .
جندى 2 : ( مسترسلاً ) وجاى تعمل علينا أبو العريف .. عشان تطفى نار الجهل اللى جواك .
المجذوب : ( فى معاناة ) أنتم مش عارفين حاجة .. مش عارفين أى حاجة .
جندى 2 : ( فى سخرية وتهكم ) قديمة .. ماإحنا عارفين إننا مش عارفين أى حاجة .. المهم 
              أنت عارف إيه..
المجذوب : ( فى هروب ) أنا ماأعرفش حاجة .. مش عارف حاجة ..
جندى 1 : كداب .. عنيك بتقول إنك عارف .. بس بتهرب .
المجذوب : كفاية .. أرجوكم .
جندى 2 : أرجوك أنت .. ماحدش طلب منك تتطوع وتنقذنا .. كنت سبتنا نموت ونرتاح 
               أحسن .. مش تنقذنا وتسيبنا نموت بحيرتنا .. لأ .. كمل جميلك .. اتكلم ..
جندى 1 : ( فى إصرار ) لازم تتكلم .. ( فى لهجة استجواب ) اسمك إيه ؟!
جندى 2 : ( فى انفعال ) مش مهم .. ( للمجذوب فى استجواب ) كنت إيه فى المعسكر؟.. 
             عسكرى ؟! .. واللا قائد ؟! .. فى أى سلاح ؟!
جندى 1 : مش مهم .. المعسكر مش مهم .. إحنا عايزين اللى قبل كده .. عندك كام سنة ؟!
جندى 2 : اتولدت فين ؟!
جندى 1 : فاكر أمك ؟!
جندى 2 : فاكر أبوك ؟!
جندى 1 : فاكر البت بتاعتك ؟! .. اتجوزتها واللا لأ ؟!
الاثنان : ( فى صرامة ) فاكر إيه عن حياتك ؟!
المجذوب : ( صارخاً فى ألم ) كفاية .. كفاية ..
الاثنان    : تبقى فاكر كل حاجة .
المجذوب : حرام عليكم .. ليه عايزين تنبشوا جوايا ؟! .. ده أنا بقالى سنين باحاول أنسى .
جندى 1 : تنسى ؟! .. أنت اللى حرام عليك .. أنت مش شايف حالتنا ؟! .. ده بدل ما تساعدنا .
جندى 2 : أرجوك .. يمكن لما تفتكر تساعدنا إحنا كمان .
جندى 1 : لازم تفتكر .
جندى 2 : افتكر بأه .. أرجوك حاول تفتكر .
المجذوب : ( فى ألم رهيب ) افتكر؟! .. افتكر؟! .. باقولكم عمرى مانسيت .. وهيه دى مأساتى 
       .. إنى مش عارف أنسى ، مش قادر أهرب من دماغى .. ذكرياتى عاملة زى 
      مرض جوايا .. كل ما افتكر إني خفيت منه .. يرجع يطفح من جديد .. ( يصرخ بألم )              مأساتى .. إنى فاكر .. فاكر كل حاجة .
( تنتابه رعدة عنيفة – يسقط على الأرض – يتلوى فى ألم – يمسك رأسه ثم بطنه – كمن يستجمع ذاكرته
- يكاد يتقيأ )
المجذوب : فاكر كل حاجة .. من يوم ولادتى .. لأ .. من قبل ما اتولد بتسع شهور .. من لحظة 
               كتابتى فىالوجود .. إنسان .
جندى 1 : يبقى لازم تحكيلنا .
جندى 2 : لازم .. كمل جميلك وقولنا .
المجذوب : أقولكم إيه ؟! .. عايزين تعرفوا إيه ؟! ..
جندى 1 : كل حاجة .
المجذوب : بس على شرط .
جندى 2 : ( مندفعاً ) موافقين .
جندى 1 : استنى يا نمرة .. مش لما نعرف الشرط ده إيه الأول ؟!
جندى 2 : أنا موافق على كل حاجة .. بس أعرف أى حاجة .
المجذوب : ( لجندى 1 ) قلت إيه ؟!
جندى 2 : ( مندفعاً ) أنا موافق .
المجذوب : لازم توافقوا أنتو الاتنين .
جندى 1 : مش قبل ما أعرف شرطك الأول .
المجذوب : تفضلوا معايا هنا .. ما تسيبونيش وتخرجوا تانى .
جندى 2 : ( مستنكراً ) إيه ؟! ..
جندى 1 : ( لجندى 2 ) جالك كلامى ؟! .. عايز يذلنا .. يستعبدنا .. عايز يدفنا معاه هنا بالحيا ..  
             ( للمجذوب )  بقى هوه ده شرطك ؟!
المجذوب : مش عايزكم ترجعوا للشقا تانى .. صدقونى .. هنا أأمن لكم و ليا .
جندى 2 : أمال إحنا عايزين نعرف ليه ؟! .. عشان نخرج من هنا .. نرجع تانى زى ما كنا .. 
              بنى آدمين .. مش مجرد نمر فى قايمة عساكر .. عشان نعيش حياتنا .
المجذوب : أى حياة ؟! .. برة مفيش غير الموت والخراب .. مفيش غير جثث أموات لابسة 
                زى الأحياء عمالة تنشر ريحة الموت فين ما تروح .. برة مفيش غير نفوس   
               خربانة .. كلها الدود والعفن .. مليانة غل وحقد وكراهية .. برة شر مالوش حدود .
جندى 1 : ولو .. هانخرج برضة .. أمال كنت بتنقذنا ليه م الأول .
جندى 2 : أنت متبت فينا كده ليه ؟! .. ما تحل عنا بأه .. اعتبرنا ما جيناش هنا من أساسه .
المجذوب : يا خسارة .. يا ألف خسارة .. كنت فاكركم تستحقوا الحياة .. كنت فاكر عقولكم 
               لسه فيها شوية روح .. وكنت فاكركم هاتفهموا .. إنما للأسف .. طلعتم أغبيا .
جندى 2 : احترم نفسك وبلاش غلط .
المجذوب : كنت فاكركم بنى آدمين .. لسه فيكم شىء من الآدمية عشان تستحقوا نقول عليكم 
              بشر .. قلب يحس .. عقل يميز .. عين تشوف نور الحقيقة .. كنت فاكر لسه فيكم 
              ذرة خير توهبكم حياة من جديد ..إنما للأسف .. طلعتم زى كل اللى برة .. 
              ماتستاهلوش غير الموت .
جندى 2 : إيه ؟! .. هاتموتنا ؟! 
المجذوب : طبعاً لأ .. مش أنتم عايزين ترجعوا ؟! .. يللا ارجعوا .. أنا مش هامنعكم ..    
               أنتم اللى اخترتوا ترجعوا للتوهة والحيرة تانى .. نمر .. عساكر مأجورة .. مجرد  
               أداة قتل ودمار .. زيكم زى المدفع  والدبابة .. مجرد أيادى ممدودة بالموت .. 
              والتمن شوية هوا فاسد تتنفسوه .. أو شربة مية ملوثة بدم الضحايا .. يللا اخرجوا  
     عيشوا مع الأموات اللى برة .. قصدى موتوا مع الأموات اللى هناك ..
      يللا .. مستنيين إيه ؟!
جندى 1 : مستنيين نعرف .. طريق الخروج .. أنهو واحد فى دول ؟!
المجذوب : الطريق جوة الدماغ .. والدماغ فاضية .. والقلب أعمى .. سكته .. أسود من ظلام 
               الليل .
جندى 2 : يعنى إيه ؟!
المجذوب : عقللك فى راسك .. تعرف خلاصك .
جندى 1 : أنت لا منك .. ولا كفاية شرك ؟! .. لا عايزنا نعرف أى حاجة .. ولا عايزنا نخرج 
             أنت أنانى .. وطماع .
جندى 2 : أنت إنسان مريض .. سايكو .. والدليل إنك عايش فى القبر ده لواحدك .. مع نفسك 
              .. ولنفسك بس .. كاره الناس والعالم .. عشان كده دافن راسك زى النعامة .. بدل 
    ماتخرج وتواجه مشاكلك عايزنا نبقى زيك ؟! .. ده بعدك .. أيا كان اللى مستنينا  
    برة.. أكيد هايكون أفضل من هنا .
جندى 1 : على فكرة أنا بدأت اتخنق .. ( للمجذوب ) أنت هاتقول طريق الخروج منين واللا لأ .
جندى 2 : لأ ده إيه ؟! .. اسمع يا جدع أنت .. إحنا اتنين وأنت واحد .. والكترة تغلب الشجاعة 
              .. ياتقولنا باب الخروج منين .. يا نخلص عليك .
المجذوب : يا ريت .. فاكرنى خايف م الموت .. لأ .. لأنى ساعة ما هاموت ، هاموت وأنا  
               عارف أنا مين .. وإيه .. وليه .. عارف تاريخى .. عندى مبدأ .. مؤمن بقضية .. 
      هاموت إنسان واعى وحاسس بكينونتى بشر .. مش زيكم .. مجرد شىء فى 
        سديم الكون .. تقدروا تقولولى إيه قيمة الحياة من غير هوية ؟!
جندى 1 : بلاش نخلص عليك .. أنا عندى فكرة أحسن .. ناخدك معانا .
المجذوب : تبقى واهم .. لا هاتقدر تشوف بعينى .. ولا تسمع بودانى .. ولا تدخل جوه دماغى 
                .. لازم توصل بنفسك ..
جندى 2 : ( صارخاً بغيظ ) يبقى لازم تقولنا باب الخروج منين .
المجذوب : يا عميان .. يا مغفلين .. هوه باب واحد واضح قدام عنيكم .. بس غايب عن عقولكم 
                .. الدماغ .. الدماغ هيه الطريق ..
جندى 1  : هانرجع للجنان تانى ؟! .. فى أكتر من باب قدامنا .. أنهو فيهم ؟!
المجذوب : هوه باب واحد يا جهلة .. مش شايفينه ؟! .. باب الخلاص .. أنتوا إيه ؟! .. فتحوا 
              قلوبكم وشوفوا .. شوفوا بقلوبكم الخلاص قدام عنيكم .. واضح زى نور الشمس   
              .. واللا أنتم خلاص .. نهاركم بقى  زى ليلكم ؟! ..  (صارخا) ضلمة ؟
 ( فجأة يظلم المسرح تماماً ويختفى المجذوب  )
جندى 2  : ( فى الظلام ) إيه ده ؟! .. مين طفى النور ؟!
جندى 1  : النور أساساً كان جاى منين ؟! .. أنا لا شوفت لمبة .. ولا لمحت فانوس !!
جندى 2  : بس أنا كنت شايف كويس .. النور راح فين ؟!
جندى 1  : السؤال دلوقتى .. النور كان جاى منين ؟! .. دخل إزاى ؟! كان موجود واللا ما    
               كانش موجود أصلاً .. وإحنا دلوقتى فعلاً فى ضلمة ؟! .. واللا عنينا هيه اللى 
               عميت ؟!
جندى 2  : ( فى رعب ) إيه ؟! .. لأ .. بلاش كآبة وحياة أبوك .. هيه ناقصة كمان عما ؟!
( فجأة يضاء المسرح )
جندى 2  : ( يقفز فى سعادة ) هيه .. هيه .. النور جه .. يعنى ما طلعتش أعمى .
جندى 1  : الحمد لله .. ( فى حيرة ) غريبة .. النور ده جاى منين ؟! .. مفيش أى مصدر لشعاع 
               نور واحد ..
( يفجآن بصوت المجذوب يدوي مصحوبا بصدى صوت رهيب)
صوت المجذوب : النور والهوا .. زى الحب والخير .. والأمل .. منذ الأزل مخلوقة ويا البشر 
                         .. تهديه .. وتحميه .. وتعينه .. وهوه مغرور جوة نفسه .. مش عايش غير 
                        لنفسه .. مش شايف .. غير نفسه  .
جندى 2         : هوه راح فين ؟!
جندى 1         : هرب الجبان .. هرب فى الضلمة ..
جندى 2         : والعمل دلوقتى ؟! .. هانخرج من أى باب ..
جندى 1         : مفيش حل غير إننا نحاول .. مفيش غير طريق واحد للخروج .. هوه قال كده .
جندى 2         : بس قال جوة الدماغ .. ييه .. هيه دماغى ناقصة ألغاز ؟!
جندى 1         : قصده نفكر .. ونقرر .. ونختار .. وبعدين ننفذ .. والطريق اللى نختاره يحدد 
                       مصيرنا .
جندى 2         : يعنى ممكن بعد ده كله .. ما نوصلش ؟! .. ده إيه وجع القلب ده ؟!
جندى 1         : عندك حل تانى ؟!
جندى 2         : سؤال وجيه .. طبعاً لأ .
جندى 1         : يبقى تفكر وأنت ساكت .. ( يفحصان الأبواب فى حيرة )
جندى 2         : حادى بادى كرنب زبادى ..
جندى 1         : يا ترى .. البيبان دى وراها إيه ؟! ده .. لأ .. ده ؟!
جندى 2 : شاله وحطه كله على دى ؟! .. لأ .. ده ؟!
جندى 1 : يا رب .. الباب ده ؟! .. لأ .. ده ..
جندى 2 : أنا اتلخبطت .. متهيأ لى ده ..
جندى 1 : لأ ده ..
جندى 2 : ده ..
جندى 1 : لأ ..
جندى 2 : ده ..

   يدوران حول بعضهما فى حيرة وإعياء .. حتى يسود ..



إظلام الختام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق