حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤلف، ولا يجوز الطبع أو النشر أو التبادل بأي وسيلة دون الرجوع للمؤلف.
المــــــــزار
مــســـرحـــــــــيـــة
تأليف
السيد فهيم
شخصيات
المسرحية حسب الظهور:
-
غالي شاب في
العشرينات
-
باتعة أم غالي
-
عفيفي أبو
فواز.. في الخمسين
-
فواز شاب في
الثلاثين
-
هنداوي فلاح في العشرين
-
صالح أبو هنداوي
-
أزهار فتاة قروية مليحة
-
ربيع شاب في الثلاثين
-
مرزوق ،،
،،
-
نزيه عضو مجلس الشعب
-
عليوة خادم في بيت
نزيه
-
عارف مدرس محو الأمية
-
شاب1
-
شاب2
-
شاب3
-
المذيعة
-
المخرج
الثورات..
يقومُ بها النبلاء، ويدفـعُ ثمنـَها الشـهـداء، ويجـني
ثمـارَها الجبناء.
حكيم
الفصل الأول
المشهد
الأول
إحدي قري الوجه البحري..
بيوت القرية في الخلفية .. أبراج الحمام .. شاطىء ترعة وشجر صفصاف وكافور يميل علي الترعة .. طريق عمومي .. علي رأسه لافتة
وسهم مكتوب عليها ( القاهرة 60 كم ).
يظهر غالي وخلفه أمه باتعة
في لوعة وقلق.
باتعة : يا غالي.. غالي .. رايح فين يا ابني؟ .. مش تقول لي !!
غالي : مشوار لحد الميدان ... وراجع تاني يا أمه.
باتعة : ميدان ؟!!
غالي
: إيوه يا أمه ... ماهو لو سكتنا
أكتر من كده يبقي نستاهل اللي يجرالنا.
باتعة : واحنا مالنا يا بني؟! .. خلينا
في حالنا.
غالي
: ما هوه ده حالنا يا امه .. ومفيش حد هايعدل الحال اللي مال غيرنا ..
يا إما نبلع مرارنا في حلقنا ونسكت..
لحد ما الطوفان ياخدنا في سكته.
باتعة : أهو كلامك ده هوه اللي واجع
قلبي ...
غالي : ما تخافيش عليا يا أمه ..
باتعة : حاسه إن مشوارك صعب وسكتك متعترة.
غالي : ربنا المعين ... بس ادعيلنا.
باتعة : ربنا يستر طريقك .. ويكفيك شر
المستخبي ..
غالي : ( يقبل يدها ) أشوف وشك بخير يا
امه.
باتعة : ما تغيبش عليا يا غالي.
غالي : مسافة السكة.
باتعة : ما تعوقش يا ضنايا .. أني
ماليش غيرك.
غالي
: راجع لك يا أمه .. إن شاء الله راجع.
( يخرج غالي وباتعة لازالت تلاحقه بلوعة
حتي يختفيان ويظهر في الجهة المقابلة عفيفي وفواز .. عفيفي في ثياب مرقعة رثة وحافي
القدمين، بينما فواز بادي الإهتمام بمظهره )
عفيفي : ( غاضبا ) واللا ما ترجعش ...
ياريت تغور من وشي وارتاح من بلاويك.
فواز
: ليه بس كده يا آبا .. كل ده عشان كوزين درة؟
عفيفي : كوزين يا بن نفيسه؟ ... تسرق
من ع السوطح شوالين درة وتروح تبيعهم
من ورايا .. وتشرب بتمنهم زفت انت
وألاضيشك .. وتقول كوزين؟
فواز : مش أحسن ما أسرق م الغريب.. أهو
جحا أولي بلحم توره.
عفيفي : أني تور يا بن الـ .. واللا
بلاش .. الله يجحمها مطرح ما راحت .. بلتني
ببلوة مش عارف أخلص منها.
فواز
: يا آبا فكها شوية... ده انت مستخسر في نفسك المداس لحد رجليك ما
شققت ..
عفيفي : مداس؟ .. منين ؟ .. هوه اني
ملاحق عليك عليق وكسوة .. عشان أجيب
لنفسي مداس ؟!
فواز
: كله من ورث أمي اللي واكله في عبك..
عفيفي : ياريتها كات اتبطت عليك يوم ما
ولدتك .. كان زماني مرتاح منك ومن
عمايلك السودة.
فواز
: أهو أني فايتهالك خالص ... اشبع بيها يا آبا .. وافضل إكنز كده علي قلبك
لحد ما السر الإلهي يطلع .. ويا وارث
مين يورثك.
عفيفي : بتفول عليا يا فواز .. طب ورحمة
أمك ما هاتنولها ..
فواز
: يعني هاتخلد فيها .. كانت دامت لمين قبلك عشان تبقالك؟
عفيفي : هاتبري منك يا بن نفيسه .. لا
انت ابني ولا أعرفك. ( يهتف)
يا ناس
.. يا اهل الكفر .. اشهدوا يا عالم.. الواد ده لا ابني ولا أعرفه ..
لاقيته قدام باب جامع .
فواز
: احنا هانفشر .. هو انت بتعتب ناحية الجامع عشان تلاقيني حدا بابه.
عفيفي : لاقيته مرمي في خرابة .. ارتحت
يا بن نفيسه.
فواز
: أهو .. ابن نفيسه، يعني ابنك برضه .. وان حكمت رأيك .. هاعمل الدي إن
إيه.
( ينحني عفيفي يلتقط حجرا ويلاحق فواز
في غضب وعصبية )
عفيفي : هيه حصلت يا بن الكلب .. والنعمة
ما آني سايبك .. إيه الدي إن ايه ده
كمان؟!
( يخرج فواز وعفيفي يطارده في غيظ ، يظهر
صالح في ملابس قروية تقليدية وهنداوي يرتدي قميص وبنطلون متواضعين )
هنداوي : ده يا آبا سلاح في الجيش ..
زيه زي الصاعقة والمظلات .. بس بيشتغل
لجوة.
صالح
: لجوة ازاي يا ابني .. هو مش تبع الجيش؟
هنداوي : لأ .. عارف أفندي قال لي ده
تبع الداخلية .. يعني الشغل داخل البلد ..
صالح
: بس انت جندي مجند!
هنداوي: أيوه يا آبا .. جندي أمن
مركزي... شوف الأبهه .. أمن مركزي .. حاجة
كده تملا الحنك .. أمن مركزي.
صالح : يعني لما تقوم حرب مع اليهود ..
انت هاتكون فين؟!
هنداوي: جوة .
صالح : جوة فين ؟
هنداوي: وأني ايش عرفني .. الأستاذ
عارف قال لي أني مليش دعوة لا بيهود ولا
انجليز .. اني هاقضي خدمتي في
الطراوة .. أمن مركزي يابا.
صالح : يعني هاتقضي خدمتك في المركز؟!
هنداوي : والله ما أني عارف .. المهم
إني هالبس ميري .. وهاستلم سلاح ميري ..
وهاكون في حما الوطن .. مش ده أملك
يا آبا؟
صالح
: أيوه يا هنداوي .. انت البكري .. وطول عمري كان نفسي تلبس الميري
واتباهي بيك وانت راجع م الوحدة .. زي
ما جدي كان بيتباهي بابويا
وهو راجع من ع الجبهة ..
هنداوي : الحمد لله اديك هاتتباهي ..
ومن غير جبهة ولا حرب .. احنا خلاص
مابقالناش في الحرب .. دول بقوا حبايبنا وبقينا
سمنة علي عسل..
صالح
: الأستاذ عارف هوه اللي قالك كده؟
هنداوي : طبعا .. هوه أني بأفهم في
الحاجات دي!!
صالح : الظاهر إن عارف ده .. مش عارف
حاجة خالص .. آل سمنة علي عسل
آل .. هو الدم يا ابني عمره يبقي ميه؟!
هنداوي : هابقي أسأل الأستاذ عارف.
صالح : لا تسأله ولا يسألك .. هِم
يابني عشان تلحق تسلم نفسك.
هنداوي : أسلم نفسي؟ .. ليه هو أني
هربان؟
صالح : هو انت مش رايح الجيش؟
هنداوي : لأ .. الأمن المركزي.
صالح : برضه لازم تسلم نفسك في معادك
.. دي أصول الخدمة العسكرية .. إسألني
أني.
هنداوي: يعني انت هاتعرف أكتر من
الأستاذ عارف؟
صالح : عارف ده إيه بتاع نحو الأمية ..
أني أبويا حارب قبل كده وعندي خبرة
في الخدمة العسكرية.
هنداوي : خبرة إيه بس يا آبا .. خللي
الطابق مستور.. ده انت لا رحت ولا جيت..
طول عمرك م البيت للغيط ومن الغيط للبيت .. ده
لولا الحمارة عارفة
طريقها للدار .. كنت توهت من زمان.
صالح : طب بطل لماضة وهم عشان تلحق
معادك.. فوت قدامي خلينا نلحق
القطر.. فوت.
( يختفيان ويظهر فواز لاهثا وقد فر من
مطاردة لتوه مع أبيه )
فواز : يالهوي ... إيه الراجل ده؟!! ..
ماكانوش كوزين درا عمي شيلتهم من فوق
السوطح ... إمال لو كنت سحبت بهيمة ع السوق.. ولا رهنت قيراطين طين
كان عمل إيه؟!!
( يظهر كل من ربيع ومرزوق في تحفز )
مرزوق : أهو .. فواز أهو يا ربيع.
فواز : ( بضيق ) يووه .. أصلها ناقصة
..( بترحاب مصطنع) اهلا بالشباب.
ربيع : فواز ... هوه مش كان فيه بينا معاد ولا أني
متهيألي؟!
مرزوق
: ولا عايز تزوغ مننا وتكت بالمعلوم؟!!
فواز
: أزوغ إيه بس يا جماعة ؟!! ... أني كنت جايلكم بس اتاخرت في السوق..
علي ما بعت شوية الدرة.
مرزوق : حلو .. يبقي قبضني اني الأول
.. وحرام وتوبة اسلفك تاني.
ربيع
: واني بقي مش هاحرم اغلبك تاني ... بس سدد اللي عليك.
فواز
: بقي انتوا صحاب انتوا؟!
ربيع
: اللعب مافيهوش اصحاب يا ابن عفيفي الحافي ... فيه كسبان وخسران..
هات اللي عليك.
فواز : ( يمنحهما نقود ) ده كل اللي معايا .. اتصرفوا
مع بعض انتوا الإتنين.
مرزوق : ( يحصي النقود بغضب ) إيه ده
يا فواز ... ده ما يكملش نص اللي
سلفتهولك!
فواز
: ده اللي معايا.
ربيع
: ولما انت مش قد اللعب بتلعب ليه ؟!
فواز : انت لسه قايلها بعضمة لسانك يا
ربيع .. اللعب مكسب وخسارة .. لاعبني
الليلة باللي عليا.
ربيع
: ولو غلبتك؟!!
فواز : ( باستخفاف) ابقي اشتكيني في
النقطة.
ربيع : بتهزر يابن ابو دراع؟!! .. طب
إيه رأيك مفيش لعب قبل ما تدفع اللي عليك.
مرزوق : طب واني مالي بده كله ... أني
سلفتك عشان تلعب وقلت لي المكسب
بالنص.
فواز : ( ببساطة ) وخسرت يا مرزوق .. تيجي
نقسم الخسارة بالنص؟!
مرزوق : ماليش دعوة .. يا إما تسد اللي
عليك .. يا تكتب لي بيهم وصل امانة.
فواز : اخص علي دي صحوبية .. بقي دي
آخرتها .. عايز تكتبني وصل أمانة يا
مرزوق؟!!
ربيع : إنت عبيط يا مرزوق؟!! ... وصل أمانة
إيه في الزمان ده ... هيه المحاكم
كات جابت حق مين قبل كده؟! .. في الآخر
هاتبله وتشرب ميته.
مرزوق : يعني إيه ؟! .. نستعوض ربنا في
القرشين؟!
ربيع
: ما نبقاش رجالة لو ما خدنا فلوسنا من ابن الحافي ده.
فواز
: عيب الكلام ده يا ربيع .. فلوسكم هاتجيلكم من غير غلط وطولة لسان ..
مرزوق : امتي؟!!
فواز : لما ربنا يفرجها .. أني اديتكم
دفعة هيه كل اللي معايا .. ولو اني عايز آكلكم
في بطني ما كنتش اديتكم حاجة من أساسه..
وبعدين الصحاب لازم يصبروا
علي بعض..
ربيع : إحنا هانديك مهلة لحد آخر
الأسبوع .. وبعد كده هايكون لنا تصريف تاني .
فواز : أني ما بتهددش يا ربيع.
مرزوق : وإحنا ما بننضربش علي قفانا يا
فواز .. أني هاصبر عليك لحد آخر
الأسبوع زي ما قال ربيع .. وبعد كده
.. ما تزعلش م اللي هايجرالك.
فواز
: حتي انت يا مرزوق؟!! .. ما كانش العشم.
مرزوق : عم عشم مات ... دلوقتي
المعاملة خد وهات.
فواز
: هيه بقت كده .. ماشي يا ولاد الـ ..
ربيع ومرزوق: ( يزومان بوعيد )
إيييييه؟!!
فواز
: ( مكملا في غيظ ) الأصول.
ربيع : سلام يا ابو دراع ..
مرزوق : آخر الأسبوع يا فواز ..
( يخرجان، يقف فواز وحيدا في ضيق يكلم
نفسه )
فواز : كله منك انت يا آبا ومن عمايلك .. منشفها
عليا لحد ما حوجتني للي يسوا
واللي ما يسواش .. لكن ما علش .. مسير
الفلوس دي كلها تقع في حجري
وأبعزقها كلها.. ورحمة أمي
لافرتكها في الهلس .. عشان تنحسر في تربتك.
( تدخل أزهار خلال حواره دون أن يشعر
بها ، تدق صدرها مستنكرة في فزع )
أزهار : هلس؟!! ... عايز تهلس يا بن
نفيسة؟!!
فواز
: بسم الله الرحمن الرحيم ... أزهار؟!
أزهار : إيوه ازهار يا فلاتي .. يا
بتاع الهلس.
فواز
: قولنا ميت مرة بلاش الحركات دي يا أزهار .. جتتي اتلبشت.
أزهار : ليه؟ .. شوفت عفريت؟!!
فواز
: ( يغازلها ) عفريت .. عفريت بس قمر .. عليا النعمة قمر.
أزهار : ( بدلال ) إوعي كده ... ما
آخدش منك غير كلام.
فواز
: وانتي طلبتي حاجة تانية وأني قولت لأ؟!
أزهار : إيوه أكلني الأونطة.. وكل
بعقلي حلاوة ... أهو ده اللي انت فالح فيه.
فواز
: يوووه .. اني هالاقيها منك ولا من أبويا؟ .. ولا من جوز الديّانة اللي
طلعولي في البخت دول كمان؟!
أزهار : كله من عمايلك السودة ومشيك
العِوج..
فواز
: عِوِج؟! .. حتي انتي يا أزهار ؟! .. ده بدل ما تطبطبي عليا وتاخديني في
حضنك زي زمان؟!
أزهار : ده كان زمان .. وجبر.
فواز
: بقي كده؟!
أزهار : إيوه كده .. ومن النهاردة
مالكش دعوة بيا .. لا تلمسني ولا المسك ولا
لسانك حتي يخاطب لساني.
فواز : الله؟!! ... مالك يا بت؟
أزهار : بتة اما تبتك..
فواز
: أمال عايزاني اقولك ايه؟!! .. يا كونتيسة أزهار؟! ..
ازهار : لا تقولي ولا اقولك .. اني ماشية
وسايبهالك .. أني غلطانة اني باجري ورا
واحد زيك.
فواز
: الله!! .. مالك يابت؟! .. فيكي إيه؟ .. انطقي.
أزهار : (بين الهمس والبكاء المختنق) فواز
... أنا في شهري التالت يا فواز.
فواز
: ( يشيح ضجرا) يا دي العككنة ... ماهو يوم باين من أوله.
أزهار : هاتفضح ..
فواز
: قولت لك نروح للدكتور انتي اللي منشفة دماغك.
أزهار : خايفة .. هاقول لأمي وأبويا إيه؟!!
فواز
: مصران الأعور..
ازهار : ولو جرالي حاجة؟!!
فواز
: يا بت ماتخافيش .. يا ما نسوان بتحبل وبتسقط .. وما بيجرالهاش حاجة.
أزهار : ويهون عليك ضناك؟!!
فواز : يوووه .. ما اني ما اقدرش أقول
لأبويا حاجة زي دي ... ده كان هايحش
رقبتي عشان كوزين درة .. امال لو عرف
بالنصيبة دي هايعمل إيه؟!
أزهار : نصيبة؟!! ..
فواز
:إيوه نصيبة.. جواز يعني مصاريف .. ومهر وشبكة ودار جديدة أو
مطرحين عالأقل عايزين يتفرشوا .. ده غير
الفرح وأجرة المأذون...
وأبويا عمره ما هايدفع جنيه واحد لو اتنططنا
قدامه .. ما بالك بأه لو
عرف إن فيها عيل؟!
أزهار : طب والعمل يا فواز؟!!
فواز
: والله ما أني عارف.
أزهار : ( بحسم ) يبقي هاموت نفسي ..
فواز
: إيه؟.. انتي هبلة ولا عبيطة؟!.. اني يا بت شاريكي .. والله العظيم شاريكي.
أزهار : الفضيحة مش هاتستني يا فواز
... كل يوم بيعدي عليا مش بالساهل.
فواز
: وأني بإيدي إيه بس؟!.. اني لو ندل كنت ..
أزهار : لا .. ما تكملش .. أبوس إيدك
.. إوعي الشيطان يلعب في دماغك وتتخلي
عني .. انت ستري وغطايا يا فواز ...
أني دلوقتي ماليش غيرك .. انت
راجلي .. وانت ضلي ( تهوي علي قدميه في كسرة ) استر عليا وأني
هاعيش لك طول عمري خدامة تحت رجليك .. جارية
.. مطرح ما تعوزها
تلاقيها .. مش عايزة مهر .. ولا شبكة
.. ( تبكي ) مش عايزة فرح .. ولا
فستان .. مش عايزة حاجة .. مش عايزة غير انك
تستر عليا من الفضيحة
( يقف جامدا دون حراك وهي عند قدميه في
رجاء )
ساكت ليه ؟! .. انطق .. قول حاجة.
( لازال فواز جامدا كتمثال.. )
ازهار
: فواز ؟!!
( يأتي صوته حاسما بعد تردد )
فواز
: هاكتب عليكي عرفي .. لحد ما ربنا
يفرجها ..
( تهوي أزهار علي يديه تقبيلا وجسدها
ينتفض من البكاء في ذل وانكسار )
تنسحب الإضاءة تدريجا حتي يسود ..
إظلام
المشهد
الثاني
بيت نزيه .. أثاث فاخر يليق بأحد
الأعيان، لكن لازال يغلب عليه الطابع الريفي.. يظهر نزيه يتحدث في المحمول بادي
الانزعاج.. عليوة يقف عن قرب في انتظار توجيهات سيده.
نزيه: إيوه يا باشا ... عارف إن الدنيا
مقلوبة... دول شباب سيس يا باشا .. مش
انتوا اللي قولتولنا كده؟ .. مظاهرات؟ .. إيوه ما أني عارف .. عايزين أنفار؟!
أوامر جنابك .. نبعت جرارين
متعبيبين علي تمتهم .. بلاش جرارين؟ .. نبعت
ماكروباصات .. ولو عايزينهم راكبين جمال وحصنه .. نبعت يا باشا .. جنابك
تؤمر ... أمر معاليك .. أمرك ياباشا .. أني خدامك وخدام المجلس الموأر
(يقصد الموقر) .. حاضر هاشحنهم ع التحرير .. إيه ؟!.. مصطفي محمود ؟!
المهندزين يعني .. أمر جنابك ... إلا بالمناسبة يا باشا .. هيه الجلسة
الجاية
إمتي؟ حاكم فيه شوية طلبات كده .. (بادي الضيق ) مش وقته؟ .. اللي تشوفه
يا باشا .. أمر جنابك.. اتفضل معاليك .. اتفضل.
( ينحني علي الهاتف في حركة مبالغ فيها
كخادم أمين ينتظر سيده ليتقدمه بغلق الخط وانهاء الاتصال )
نزيه
: ( في جدية واهتمام ) انت ياد يا
عليوة ..
عليوة : أمرك يا سيادة النايب.
نزيه
: جهز الأنفار يا وله .. وإدي كل واحد مية جنيه .. لأ .. خمسين جنيه ..
ووجبة متكيسة .. وعلبة عصير من أبو
جنيه وربع.
عليوة : الأنفار جاهزة يا حاج .. بس
الجرارين لسه.
نزيه
: جرارين إيه؟ .. هات ماكروباصات .. واللا أقولك هات أتوبيس ... دي
الحكومة يا وله .. الحكومة.
عليوة : أمر جنابك .. وبالنسبة للوجبات
المكنتسة ... أني ليا فيهم كام كيس؟
نزيه
: خد اللي انت عايزه يا سخام البرك .. بس خلصني ...
عليوة : طب الرجالة كانوا عايزين
كنتاكي .
نزيه
: وهما شافوا كنتاكي فين قبل كده؟ .. حط لهم ربع فرخة في رغيف وقولهم
ده من حدا الخواجة كنتاكي .. اتصرف يا عليوة.
عليوة : طب والعصير؟
نزيه : ماله
ده راخر؟
عليوة : لازم من أبو جنيه وربع... ما
تبحبحها شوية يا حاج ..
نزيه : يا غشيم .. كل ما العدد زاد .. التكلفة زادت
.. ودول عايزين أنفار كتيرة ..
والله أعلم الحال ده هايطول لحد إمتي؟!!
.. مش كفاية اللي صرفته ع الحملة
الإنتخابية .. وع الحزب .. وحبايب الحزب وألاضيش الحزب؟ .. روح اعمل
اللي باقولك عليه من سكات .. خربتوا بيتي الله يخرب بيوتكم .. انتوا واللي
في بالي في ساعة واحدة.
عليوة : أمر جنابك. ( يخرج )
( يدخل عارف مرتديا جلباب مقلم فوقه
جاكت بدلة مهلهل، ويتابط جريدة قديمة لزوم المنظرة )
عارف : هم يا واد يا عليوة .. وقفت لك
الرجالة طوابير برة.. إدي لكل واحد فيهم
يافطة أو صورة للريس .. ومسكهاله
بالعدل يا وله .. مش ناقصين فضايح.
عليوة : حاضر يا استاذ عارف.. حاضر.
عارف : عايزين نرفع راس الحاج نزيه ونشرفه قدام الأكابر بتوع مصر.
نزيه : تعالي يا عارف .. انت روحت فين؟! .. مش شايف
الوحلة اللي احنا فيها؟!
عارف : خدامك يا سيادة النايب .. كنت
باجهز اليفط .. وصور الريس عشان حملة
التأييد .
نزيه
: علقت اليفط علي مدخل البلد زي ما قولت لك؟!
عارف : علقت يافطتين بالليل صحيت الصبح
لاقيتهم متقطعين يا حاج ومتعلق
مكانهم
الشعب يريد اسقاط النظام.
نزيه
: العيال دي مش ناويين يجيبوها لبر .. نظام إيه اللي عايزين يسقطوه؟!! ..
هايودونا في داهية الله يخرب
بيوتهم.
عارف : يا ريتها جات ع اليافطتين يا
حاج .. دول شخبطوا علي صورة الريس
وكتبوا كلام ما يصحش يتقال.
نزيه : إيه؟! .. هيه حصلت صورة
الريس؟!! ... دول عايزين يطيروني من
المجلس رسمي ... اعرف لي مين
ولاد المؤذية دول واسحبهم من قفاهم.
عارف : معروفين يا حاج .. العيال بتوع الفيب توكس..
نزيه : نشيع نلمهم من عالهباب توكس ده .. لحد ما
المولد ينفض والميه ترجع
لمجاريها.
عارف : كلهم راحوا ع التحرير يا حاج ..
نزيه
: تحرير.
عارف : إيوه.. مصدقين انها ثورة.
نزيه : ثورة؟!! ... ده لعب عيال ومرقعة
كدابة.. ييجوا إيه دول جنب سعد باشا
زغلول.. واحمد عرابي باشا؟!.. ولا
الزعيم عبد الناصر؟!!
عارف : كلها يومين ويزهقوا يا حاج ...
خصوصا لما يشوفوا الطوفان اللي خارج
للتأييد ومباركة النظام.
نزيه : يسمع من بوقك ربنا يا استاذ
عارف .. حاكم بقالي ليلتين ما بادوقش طعم
النوم.. دول بيطالبوا بحل المجلس الموأر
.. حل وسطهم .
نزيه : دي أحلام يا حاج .. أحلام ..
وبعدين جنابك يقلق ليه؟!! .. انت معاك الدعم
الشعبي والرسمي مجتمعان .. وتملك
الشرعية البرلمانية بموجب الأربع
دورات المتتالية في المجلس الموقر
.. يعني الدورادي تكمل وتبقي نايب
مؤبد يا حاج ... وإن شاء الله تورثها
لولادك وولاد ولادك .. اسمع من عارف
وقول آمين.
نزيه : آمين يا خويا .. ربنا يطمن قلبك زي ما طمنت
قلبي ..
عارف : عيب يا حاج .. ده أني عارف ..
( نسمع صوت جلبة بالخارج )
ص عفيفي : أني لازم اقابل الحاج ..
عايزه في حاجة مهمة.
ص عليوة : الحاج مشغول .. عدي عليه وقت
تاني.
ص عفيفي : لا تاني ولا تالت .. هوه
كبيرنا ولازم يشيل همنا ..
نزيه : في
إيه ياد منك له ... عاملين غاغة ليه عالصبح؟!
( يدخل عليوة يلاحقه عفيفي )
عليوة : عفيفي ابو دراع الحافي يا حاج ..
عفيفي : ( مندفعا ) أني يا حاج .. واقع
في عرضك .. واقع في طولك ...
عليوة
: استني يا راجل انت .. هيه وكالة من غير بواب ؟!
عفيفي : دوار الحاج نزيه البطاوي ما
يتقفلش أبدا في وش أهل بلده .. هوه كبيرنا
وراعي مصالحنا .. ولا إيه يا حاج؟!!
نزيه
: سيبه يا عليوة ... وروح انت شوف اللي وراك.
عليوة : أمرك يا حاج.
نزيه
: في إيه يا أبو دراع؟ .. عايز إيه؟!
عفيفي : إني وقعت م السما وانت
استلقيتني ..
عارف
: خلص يا عفيفي .. الحاج ماهوش
فاضيلك.
عفيفي : الواد فواز ابني .. تاعب قلبي
يا حاج .. ملموم علي شوية عيال صيع
ماوراهومش غير المزاج والمسخرة وقلة
الحيا.
نزيه
: طب واني اعملهم إيه؟!! ... دي مسالة رباية يا عفيفي ..
عفيفي : الله ينور عليك.. رباية ...
آني بأه عايز جنابك تربيه.
عارف : إذا كنت انت ما عرفتش تربيه يا
حافي .. الحاج هايربيهولك؟!!
عفيفي : ويقطم رقبته كمان ... مش هوه كبيرنا
وعزوتنا .. ولا اروح اشتكي الواد
في النقطة؟!
نزيه : نقطة
إيه يا راجل يا خرفان؟ .. عايز تتعداني وتروح تشتكي في النقطة؟!
عارف : والحكومة تقول إيه؟ ... الحاج نزيه مش
عارف يحكم دايرته؟!!
عفيفي : ما أني جيت لك أهو يا حاج
وراعيت الأصول..
نزيه
: وإيه المطلوب مني دلوقت ؟!! ...
عفيفي : تحميني منه يا حاج .. الواد
ساهاني ليلة امبارح .. واتسحب زي الحرامية
وسحب شوالين درة من ع السوطح.. جيت أعاتبه ..
قام طلع فيا..
( متباكيا ) واعتدي عليا يا حاج.
عارف : ضربك؟!
عفيفي : هوه يستجري..
نزيه
: أمال اعتدي عليك إزاي؟!
عفيفي : بالقول واللفظ ياحاج.
عارف
: يعني ما مدش إديه عليك.
عفيفي : كفاية مدها علي عرقي وشقايا ..
اني عايزك تحَرمه يمد إيده علي أيتها
حاجة تخصني .. يا إما يشوفله حتة تانية
يبات فيها .. أني ما بقيتش قادر
عليه يا حاج.
نزيه : حاضر .. حاضر ياعفيفي .. ابقي
ابعتهولي وآني هاتصرف .. ابقي فكرني
يا عارف.. حاكم اليومين دول مشغولياتي كتير.
عارف : كان الله في العون يا سيادة
النايب.
عفيفي : ربنا ما يحرمنا منك يا كبير
البلد وسيدها..
عارف : خلاص يا أبو دراع .. الحاج قالك
هايتصرف .. يلا بقي روح لحالك..
عشان نشوف اللي ورانا.
عفيفي : طب أني كان ليا طلب تاني .. بس
خزيان من كرمك يا حاج.
نزيه
: عايز ايه تاني؟!
عفيفي : الرجالة بره بيفرقوا فراخ وعصير
في علب .. يا سلام يعني لو ينوبنا ورك
فرخة ولا دبوس.
عارف : دول رايحين مأمورية لحد مصر .. وده غدا
الأنفار اللي رايحة.
عفيفي : مصر ؟! .. يعني أكل وفسحة كمان؟!!
.. ما تاخدوني معاهم ينوبكم ثواب .
عارف : انت عايز تجرسنا؟!! .. هاتروح
إزاي وانت حافي وهدومك مرقعة؟!!
عفيفي : سايق عليك النبي يا حاج ما
تكسفني .. خصيمك النبي يا شيخ.
نزيه
: عليه الصلاة والسلام .. بس روح
استر نفسك بهدمة عدلة .. والبس
مداس في رجليك ..
عفيفي
: روح يا شيخ ربنا يسترها معاك دنيا وآخرة .. وابقي آخد نايبي وأني
خارج؟!
نزيه : خليهم يدوله وجبة مكيسة يا استاذ عارف.
عفيفي : طب والميت جنيه؟!!
نزيه : ميت جنيه إيه يا راجل انت .. احنا قولنا خمسين
.
عفيفي : إيوه ما اني عارف .. ماهو
خمسين ليا وخمسين لفواز ابني ... مش انتو
عايزين أنفار؟
عارف : وانت مالك ومال فواز ؟!.. ما
تخليك في روحك.
عفيفي : مش اني ابوه .. واعرف مصلحته
.. لو خدهم هايفرتكهم في الكلام الفارغ.
نزيه : ( مشغولا بالمحمول ) خلاص يا عارف ... اديه اللي هوه عايزه.. وانهينا
م الموال ده.
عارف : أوامرك يا حاج .. فوت قدامي يا
حافي .. عايزك تروح تغير هدومك قوام
وتجيب ابنك في ايدك وترد علي طول ..
نزيه : ( وهو يطالع رقم المحمول ) خف
نفسك انت وهوه.. البشوات بيستعجلونا
من مصر.
عفيفي : حاضر ... ربنا ما يحرمنا منك
.. ولا يحرمناش من البشوات .. ولا من
الخواجة كنتاكي .. قادر يا كريم.
( يخرج مع عارف بينما يرد نزيه علي
المحمول باهتمام بالغ )
نزيه : ( في المحمول ) ألوه .. أيوه يا
باشا .. كله تمام جنابك .. شحنت لك الكفر
كله برجالته ونساوينه وعياله كمان ..
جاهزين يا باشا .. في انتظار أوامر
معاليك .. أبعتهم عالتحرير؟.. إيوه إيوه
.. لا مؤاخذة .. مصطفي محمود
أمرجنابك يا باشا. ( في انهاء للمكالمة )
اتفضل يا باشا .. اتفضل ..
( ثم ينادي بتوتر بالغ )
نزيه : هم يا واد منك له .. خف نفسك يا
جالوص الطين انت وهوه .. البلد بتولع يا
بهايم .
تتغير الإضاءة لتجسد أجواء
ثورة يناير .. تعرض مشاهد متفرقة من أحداث الثورة علي شاشة أو بانوراما خلفية حسب
رؤية المخرج .. كوبري قصر النيل ..
التحرير ... موقعة الجمل .. صور شهداء الثورة .. الخ..
تتخللها أصوات مختلطة
صوت الأم : ما تغيبش عليا يا غالي .
صوت صالح : عايزك ترفع راسي يا هنداوي
أزهار : هاعيش لك خدامة طول العمر يا
فواز
عفيفي : غور من وشي يا بن الكلب .. لا
انت ابني ولا اعرفك.
نزيه
: اوامر جنابك يا باشا ... جيب العواقب سليمة يا رب ..
تتصاعد الموسيقي وتتسارع المشاهد ثم
فجأة يصمت كل شيء وتظهر صورة اللواء عمر سليمان ويرتفع صوته كما في مشهد بيان
التنحي الشهير ...
إظلام
المشهد
الثالث
نفس المنظر الأول .. علي
مشارف القرية ..
استعراض غنائي راقص يعبر عن
فرحة الشعب بنجاح الثورة وتنحي مبارك وانتظار الأهالي لأهلهم وذويهم أبطال
التحرير.
ينتهي الإستعراض ويظهر بعض الشباب
تلقاهم باتعة في لهفة.
باتعة : طمنوني يا ولاد ع الغالي ..
راح ومارجعش مع اللي رجعوا .. حد منكم
شافه يا ضنايا؟!
شاب1 : كان معانا في الميدان يا خالة
باتعة ..
شاب2 : كنا ليلاتي نقسم عشانا سوا.. وننام علي رصيف واحد.
شاب3 : أني آخر مرة شوفته من يومين في
صلاة المغرب .. عند المنصة
الرئيسية.
شاب1 : اني ما شوفتوش من بعد موقعة
الجمل.
شاب2 : واني كمان .. يوميها لمحته
ناحية المستشفي الميداني .. كان شايل واحد
منصاب.
شاب3 : ( مؤكدا ) اني شوفته معانا
بيصلي ..
باتعة : طيب وما رجعش معاكم ليه ؟!
شاب1 : الغايب حجته معاه يا خالة.
باتعة : قالي مش هاتأخر عليكي يا امه .. بقاله
جمعتين وما رجعش.
شاب 3 : يمكن مسكوه مع اللي اتمسكوا وهايفرجوا عنه قريب
ان شاء الله.
شاب2
: ويمكن منصاب وبيتعالج في مستشفي .. مين عالم؟!!
باتعة
: قالي ما تقلقيش عليا يا امه .. امال اقلق علي مين يا كبدي ؟! .. قلبي
واكلني عليك يا ضنايا.
( يظهر صالح يحاول اللحاق بهم )
صالح : يا جماعة ما حدش شاف ابني هنداوي؟!!
.. الواد من يوم ماراح ما نزلش
ولا أجازة؟! .. جندي مجند هنداوي صالح
.. عسكري أمن مركزي ..
( يشيحون بأيديهم وينصرفون عنه دون رد )
صالح : طب حد يدلني أروح أستعلم عنه
فين؟! ... طب قولولي أدور عليه فين يا
اخواتي؟!!
( يتركونه ويخرجون فيتبعهم هو وباتعة
في يأس - يظهر من الجهة المقابلة عفيفي مع ربيع ومرزوق )
عفيفي : يوووه .. ما تحلوا عن سمايا
بقي .. قولت لكم ما شوفتوش ولا عايز
أشوف خلقته.. وياريت يجيني خبره عشان ارتاح منه
ومن عمايله السودة.
مرزوق : يعني إيه ؟! .. فلوسي راحت
عليا؟! .. قولت لك نكتبه وصل أمانة
مارضيتش يا سي ربيع .. العمل إيه
دلوقتي؟!
ربيع
: اسكت يا مرزوق .. بطل عديد زي النسوان.. هو يعني هايروح مننا فين؟!
عفيفي : اسمع ياد انت وهوه .. الواد ده
لا ابني ولا اعرفه .. وما ليش صالح بالعك
اللي بتعكوه سوا .. ولو اتعرضتولي تاني
.. عليا النعمة لأكون شاكيكم في
النقطة ..
مرزوق : نقطة؟!
عفيفي
: إيوه .. وغور من وشي يا نطع انت وهوه .. اني ما صدقت خلصت منه
ومن بلاويه.
ربيع
: ( محتدا) الله .. بالراحة يا عم عفيفي..
عفيفي
: عما الدبب .. غور ياد من وشي قلت لك.
مرزوق : ( يجذب ربيع ) يلا بينا يا
ربيع..
ربيع
: ماشي يا بودراع ياحافي .. بس لو
شوفت ابنك .. قوله ربيع ومرزوق
مش هايسيبوا حقهم.
( يخرجان )
عفيفي : جك كسر حُقك منك له ..
( تظهر أزهار )
أزهار : يا تري انت فين يا فواز؟! .. ما
داهية لتكون عملتها وهربت مني ..
وفوتني لواحدي بفضيحتي وعاري ومراري ..
عفيفي : اياكشي يولع .. ويجيني خبره
مستعجل قادر يا كريم.
أزهار : عم عفيفي .. ما شوفتش فواز؟!
عفيفي : إيه ؟! .. مديونلك انتي راخرة
..
أزهار
: لأ .. كنت عايزاه في موضوع كده ..
عفيفي : ما اعرفش اتخفي في أنهي داهية
.. ولو عترتي فيه .. قوليله ما يورنيش
وشه تاني .. اني متبري منه ليوم الدين
.. حتي في الآخرة كمان .. مش
عايز اشوف خلقته.
ازهار : ليه كده بس يا عم عفيفي ؟..
هوه الضفر عمره يطلع م اللحم؟!
عفيفي : إيوه .. لما يكون مدوحس.
أزهار : طب أمانة عليك.. لما تشوفه
قوله أزهار سألت عليك..
(
يشيح بوجهه ضجرا )
أزهار : فوتك بعافية يا آبا عفيفي.
عفيفي : ( فزعا ) آبا ؟! .. جك بو .. ده
اني ما صدقت خلصت من الشحط اللي
رزاني بيه ربنا .. آني ناقص بلاوي؟ .. سيبوني في
حالي بأه .. يا ناس
سيبوني في حالي.
إظلام
المشهد
الرابع
دوار نزيه ..
عارف ونزيه في متابعة لحوار ..عليوة يقف
كدأبه بالقرب من الباب منتظرا الأوامر.
نزيه : زي ما باقولك كده .. هيه جثة واحدة بس من
بلدنا.
عارف : وما قالوش جثة مين يا حاج ؟!
نزيه
: لم يستدل علي صاحبها .. الجثة مركونة في المشرحة بقالها مدة .. الوش
محروق والجثة متشوهة ..
عارف : امال عرفوا منين انها من
بلدنا؟!
نزيه
: ما اني برضه سألتهم .. لقوا معاه بطاقة محروقة .. ما فضلش من بياناتها
غير
كام كلمة مدغمشة .. ذكر .. أعزب .. ويادوب حتة باهتة من اسم
كفرنا.. فبلغوا النقطة .. والنقطة
بلغتني عشان نذيع في الكفر .. اللي مفقود
له حد ييجي يستدل علي جثته .. عشان إجراءات
المعاش والتعويض ..
عارف : وهيه فيها تعويض كمان يا حاج؟!!
نزيه
: امال إيه؟! .. احنا يتخرب بيتنا ويتحل البرلمان اللي صرفنا عليه دم قلبنا..
وهما يصرفوا تعويضات ومعاشات ع الجاهز..
وفي الآخر يقولوا علينا
فلول ... بقي آني فلول يا استاذ عارف؟!!
.. آني اللي خيري ع الكفر كله ..
من صغيره لكبيره؟!! .. فلول؟!.. ( بغيظ ) آني .. فلول؟!
عارف : روقك دمك يا حاج مش كده امال.
نزيه
: إلا يعني إيه فلول دي؟!
عارف : فلول يعني !! .. ( يرتبك ثم
متهربا من الإجابة ) ما تحطش في دماغك يا
حاج .. الكلام ما بيلزقش.
نزيه
: طب يلا بينا عشان نلحق نروح النقطة .. زمان الجثة علي وصول .. وانت
ياد يا عليوة.
عليوة : أمر جنابك.
نزيه
: عايزك تنده في الماكرفون بتاع الجامع .. اللي له عيل مارجعش من مصر
يروح النقطة يتعرف علي جثته.
عليوه : أمرك يا حاج .
عارف : استني يا عليوه .. عدم المؤاخذة
يا حاج .. اني كان ليا شورة كده.
نزيه : شور يا بو العُريف .. بجملة فتاويك.
عارف : أني كان غرضي نجيب الجثة علي
هنا.
نزيه
: هنا؟! ... هنا فين؟ ...
عارف : في دوار جنابك.
نزيه
: انت اتهبلت؟! .. جثة إيه اللي آجيبها دواري .. اني ناقص ناكبة؟ .. مش
كفاية الحِزن اللي أني فيه.. غور ياد يا عليوه .. نفذ اللي قولت لك
عليه.
عليوة : امرك يا حاج.
عارف : استني يا عليوه .. صبرك بالله
يا حاج.. مش يمكن الجثة دي تكون فاتحة
خير علينا؟! ..
نزيه
: مش فاهم.
عارف : أني برضه اللي هاقولك يا حاج ؟ ..
ده انت راجل بتاع سياسة .. والسياسة
.. كياسة .. يعني فن الممكن.
نزيه
: استني يا عليوة .. قصدك إيه يا عارف؟!! .. فطمني.
عارف : إنت كبير البلد .. وعين عين أعيانها
.. وحتما ولابد تفضل كبيرها وسيدها. نزيه
: معلوم.
عارف : يبقي أهل المفقود لازم يستلموا
جثة ابنهم من دوار كبيرهم وراعي
مصالحهم قبل، وبعد الثورة ..
نزيه
: ( غاضبا ) إنت كمان هاتقول ثورة؟!
عارف : مش أني اللي باقول يا حاج .. هيلاري
كلينتون قالت ثورة .. وأوباما قال
ثورة .. وحمادة هلال قال ثورة .. تبقي
ثورة .. مشيها ثورة يا حاج ..
والحمدُ لله ربنا كرم كفرنا بشهيد .. شهيد
الثورة يا حاج.. وأهو كله كلام ..
كلام ابن عم حديت.
نزيه
: وعلي قولتك يا أستاذ عارف .. الكلام ما بيلزقش.. ثورة .. ثورة. ( مناديا
)
واد
ياعليوة.
عليوة : خدامك يا سيد الناس.
نزيه
: روح ياوله .. نادي في ماكرفون الجامع .. قول إن الحاج نزيه البطاوي
نائب البرلمان السابق..
عارف : ( متملقا ) واللاحق إن شاء الله
..
نزيه
: ( مكملا ) هايستقبل جثة شهيد الثورة في دواره .. حتي يستدل علي
شخصيته .. وقول إن آني متكفل بكل
مصاريف الجنازة والمعزا كمان ..
والصيوان هايكون هنا .. قدام الدوار
بتاعي .. والحاضر يعلن الغايب.
عليوة : أمرك يا سيد الناس.. ( يخرج )
عارف : هو ده الكلام يا كبيرنا ورافع
راسنا .. الكبير كبير برضه.
نزيه : إيوه .. عشان يبقوا يقولوا عليا
فلول .. هههه .. آل فلول آل.. ده أني رمز
للحركة الوطنية .. والنضال الشعبي ..
عارف : والثوري كمان يا حاج.
نزيه
: والثوري كمان .. ولا تزعل روحك .. وأهو كله كلام .. كلام ابن عم حديت.
( يضحكان )
إظلام
المشهد
الخامس
دوار نزيه ..
نزيه يجلس علي أريكة في ترقب وعارف يظهر من أحد
الأبواب .. صوت عليوة ينادي في مكبر صوت.
ص. عليوة: يا اهل الكفر .. في جثة
مجهولة في دوار الحاج نزيه البطاوي نائب
البرلمان السابق .. شهيد من أحداث
الثورة الميمونة .. اللي له عيل
غايب وما يعرفش طريقه .. ييجي دوار
الحاج نزيه للتعرف علي الجثة.
يا أهالي الكفر .. الحاضر يعلن الغايب
.. والحاج نزيه متكفل بكل مصاريف
الخارجة والمعزا .. تكريما لشهيد الثورة .. يا أهل الكفر..
( يظل النداء السابق يتكرر حتي يبتعد
الصوت رويدا رويدا، او يظل في الخلفية بين الحين والآخر حسب رؤية المخرج )
نزيه
: إيه الأخبار يا عارف؟!! .. ما حدش استدل ع الجثة؟!
عارف: لسه يا حاج .. لسه ..
نزيه : وإيه الطوابير اللي بره دي كلها؟! .. كل دول
عشان جثة واحدة؟!
عارف : لأ يا حاج .. دول جايين يتفرجوا
.. حاكم انت عارف أهل الكفر.. عايزين
جنازة يشبعوا فيها لطم .. وبيستحلوا
الفرجة ع الفاضي .
نزيه
: ما تهب فيهم مشيهم من هنا.
عارف : لا يا حاج .. خللي بالك طويل ..
الانتخابات هاتنعاد قريب .. واحنا في
عرض صوت.
نزيه : اللي تشوفه يا عارف .. بس أني
خايف لا الجثة اللي متلقحة جوة دي تعفن
قبل ما نستدل علي صاحبها.
عارف : ما تقلقش يا حاج .. كله تحت
السيطرة.
نزيه
: أني باقول ندفنها ونخلص .. ونكتب
علي الشاهد .. قبر الشهيد المجهول.
عارف : صبرك بالله يا حاج.. مسير أهلها
يتعرفوا عليها.. هوه كفرنا كله كام نفر؟!
( يدخل صالح )
صالح : ( باكيا ) هنداوي .. ابني ..
ضنايا .. اني قلبي حاسس إنه هوه.. استشهد
اثناء
تادية خدمته العسكرية.
عارف : هنداوي إيه يا صالح؟! .. ابنك
راجل ميري .. والجثة اللي عندنا بتاعة
مدني.
صالح : إهه !! .. طب ما تقولتوش ليه في
الماكرفون إن اسمه مدني ؟! .. بس
إحنا عندنا في الكفر حد اسمه مدني؟!
نزيه
: مدني دي يا راجل انت عكس ميري .. إحنا ناقصين خاوتة.
صالح : يعني مش هنداوي اللي جوه؟!!
عارف : لا جوة ولا برة .. ابنك دلوقتي
في عهدة الحكومة .. يعني لو مات ..
هايبعتوه في صندوق ميري.
صالح : وبعتوه ولا لسه؟!
عارف : لما ينصاب أو يستشهد هايبعتوه
يا صالح.
صالح
: يعني أعمل إيه دلوقتي ؟! .. استني علي ما يبعتوه ؟!!...ولا أمشي؟!
نزيه
: فال الله ولا فالك .. حد يفول علي ضناه يا راجل انت؟!
صالح
: يعني أروح أقول لامه الواد لسه صاحي؟!
عارف : صاحي ولا نايم .. العلم عند
الله .. المهم إن الجتة اللي جوة دي مش
بتاعة ابنك هنداوي.. ابنك دلوقتي في
عهدة الحكومة.
صالح : روح يا شيخ ربنا يطمن قلبك ..
فوتكم بعافية. ( يهتف وهو خارج ) يا أم
هنداوي .. الواد لسه صاحي .. هنداوي في
حمي الحكومة يا ولية .. واللي
عند الحكومة ما يضيعش.
( يخرج )
نزيه
: هوه لسه فيه ناس كدة ؟!
عارف : أهو ده بأه يا حاج .. أنبه واحد عندي في فصول محو الأمية..
نزيه
: لأ ما هو باين.. النباهة بتشر منه .. أني حاسس إنهم بيزيدوا عندك غباوة
وجهل علي جهلهم .
عارف : هما دول الكتلة التصويتية
الحقيقية يا حاج .. دول سلاحنا المضمون في
انتخاباتنا الجاية.
نزيه : ما تيجي نطل ع الجتة اللي جوة دي .. حاسس إن
ريحتها فاحت.
عارف : أني باقول نرش عليها شوية تلج
ونشغل مروحتين حواليها ؟!
نزيه
: وهيه المراوح حاتحوق؟!! .. نقولهم يشغلوا التكييف ..
عارف : تكييف واحنا في عز الشتا يا حاج.
عارف : الدود ما بيفرقش صيف من شتا يا
ابو العريف.. فوت قدامي.. مش دي
شورتك؟!
(تدخل أزهار في صحبة باتعة )
أزهار : ادخلي يا خالة باتعة .. تعالي
يا خالة ..
باتعة
: مش تقوليلي يا بنتي جايباني هنا ليه؟!
ازهار : إنتي مش بتسالي ع الغالي ؟! ..
بجملة السؤال يا خالة ..
باتعة
: وهوه هايعمل إيه بس في دوار نزيه؟! .. ده كان نقره من نقره في
الانتخابات اللي فاتت.
أزهار : مين عارف يا خالة باتعة .. أهو
ندخل نطل ع الجتة اللي حداهم ..
باتعة : قولي بأه كده .. واخدة الغالي حجة عشان تدوري
علي فواز.
ازهار : يوه بأه يا خالة .. خصيمك
النبي ما تقلبي عليا المواجع.
باتعة : يا خايبة .. لو كان رايدك كان
حارب الدنيا كلها عشانك ..
ازهار : ما هو كان هايكتب عليا يا
خالة..
باتعة : وإيه اللي حاشه ؟ .. لا دار
ابوكي بعيدة .. ولا انتي مهرك غالي !!
ازهار : يمكن حاشه الشديد القوي يا
خالة ..
باتعة
: آه يا خوفي يا بت يا أزهار لا يكون اللي في بالي صحيح!!
ازهار : ( متهربة ) طاوعيني بس يا خالة وتعالي نخش نطل ع الجتة اللي جوة.
باتعة : عايزة تخشي .. خشي لواحدك ..
أني ماليش مصلحة هنا.
أزهار : مش عايزة تطمني علي غالي؟!
باتعة : أطمن عليه يا بنتي .. مش أفول
عليه .. وانبش علي ملامحة في وشوش
المقاتيل.
أزهار : بيقولوا شاب وشهيد يا خالة .
باتعة
: غالي قال راجع .. قال مسافة السكة وراجع تاني .. يبقي هايرجع .. عمره
ما كدب عليا.
أزهار : مش هانخسر حاجة يا خالة باتعة
..
باتعة
: يا بنتي ماليش طاقة بالفرجة ع المقاتيل.
أزهار : يعني أني اللي ليا طاقة يا
خالة؟ .. أهو نونس بعض .. وربنا يخلف ظننا
وما يطلعش واحد فيهم.
( يخرج نزيه – يتاملهما في غضب )
نزيه : في ايه يا مرة انتي وهية؟...
واقفين تتودودوا في إيه؟!
أزهار : سا الخير يا حاج .. دي خالتي
باتعة .. جاية تسأل علي ابنها غالي .. اللي
راح ما رجعش.
نزيه : وابنها هاييجي دواري يعمل إيه؟!
باتعة : قلتلها كده ما لديتش عليها.
أزهار : والجتة اللي جوة؟!
باتعة
: بعد الشر علي غالي.
أزهار : الموت والحيا مش بادينا يا
خالة.
( يظهر عارف ممسكا بريموت في قبضته - يتابع
الحوار باهتمام )
نزيه
: ريحي روحك انتي وهيه .. خلاص .. عرفنا صاحب الجثة وانتهينا .. يلا ..
كل واحدة تروح لحال سبيلها.
ازهار : ومين هوه يا حاج؟!.. طلع مين؟!
نزيه
: هانقول .. البلد كلها هاتعرف .. بس كل شيء بأوانه.. خدي خالتك وروحي.
دي حاجات النسوان ما لهاش فيها.
باتعة : يلا يا أزهار .. قلت لك مالناش
مصلحة في الدوار ده .. يلا يا بنتي الله لا
يسيئك.
أزهار : حاضر يا خالة .. حاضر .. ويا
خبر دلوقتي بفلوس .. بكرة يبقي بلاش.
( تخرجان )
نزيه
: مع السلامة يا اختي انتي وهيه.
عارف : صحيح الكلام ده يا حاج؟! .. وطلعت جثة مين؟!
نزيه : واني ايش عرفني ؟!
عارف : أمال إيه الكلام اللي أني سمعته
ده؟!
نزيه
: أهو كلام ابن عم حديت .. مش ده قولك؟!! .. انت عارف مين دي؟!
عارف : أم غالي .. والبت أزهار ..
نزيه
: مش غالي ده اللي كان بيهيج الناس عليا في الانتخابت؟ .. وكان مجرسني
في كل حتة أروحها؟! .. ولولا ستر ربنا
ووقفة الحزب معايا كان زمان
الكرسي ضاع مني بسبب ابن باتعة وشلته؟!
عارف : شلته .. أهو هما دوله العيال
بتوع الفيب توكس يا حاج.
نزيه
: جاية فاكرة الجثة اللي جوة بتاعة ابنها !!
عارف : ما يمكن يا حاج .. كل شيء جايز.
نزيه : ( بانفعال غاضب ) لأ .. ده أني
أولع فيها أكتر ما هي مولعة .. ولا إني أعمل
من الواد ده بطل.. واصرف لها
مكافاة كمان.. ومعاش ميري مدي الحياة ..
وفوق ده كله.. هاتكفل بمصاريف الجنازة والمعزا .. ليه؟! .. مختوم علي
قفايا؟!
(
في هذه الأثناء يظهر عفيفي متسحبا في فضول – يستمع إلي الجزء الأخير من حوارهما )
عارف : ( في مداهنة ) اللي تشوفه يا
حاج .. الشورة شورتك والكلمة في الأول
والآخر كلمتك.
نزيه
: عملت إيه في الجثة؟! .. حطيت لها تلج وشغلتلها التكييف ولا لأ؟!
عارف : حطيت التلج .. بس ما عرفتش اشغل
التكييف.
نزيه
: بالريموت يا عارف .. مش أني مديهولك في إيدك؟!
عارف : افتكرته بتاع التلفزيون.
نزيه : تلفزيون إيه في الغارقة اللي
إحنا فيها دي؟! .. فوت قدامي فوت .. قبل ما
الجتة تنكرف ولا يجرالها حاجة.. آل عارف
آل .. والله ولا انت عارف حاجة.
( يخرجان )
عفيفي : مكافئة؟!! .. ومعاش ميري مدي
الحياة؟!! .. يا سعده يا هناه اللي يتعرف
ع الجتة ديه .. دي كنز .. ولا مغارة
علي بابا .. يا سلام .. وآل إيه ؟! .. لم
يستدل علي صاحبها!! .. ما يمكن مش من
بلدنا من أساسه؟! .. إهه !! ..
يعني اني هاعرف اكتر م الحكومة .. ولا
يعني حاجة زي دي هاتفوت ع
الحاج نزيه والأستاذ عارف بتاع التعليم
والمدارس؟!! .. معاش ميري مدي
الحياة؟!.. يا حلاوة يا ولاة!!
(
يظهر عارف ونزيه )
عارف : بتعمل إيه هنا يا بو دراع؟!
عفيفي : جاي أتفرج عالجثة.
نزيه
: تتفرج؟!
عارف : هيه فرجة يا راجل إنت؟!
عفيفي : لا مؤاخذة .. حاكم أني غشيم
واللي في بطني علي لساني ..
نزيه
: انت هاتحكيلنا حدوتة؟ .. لو عندك عيل مفقود قول وخلصنا .. ولا اقولك
خش عاين الجثة من سكات .. ولو اتعرفت
عليها إبقي اتكلم .. ولو ما
حصلش .. خد بعضك واتكل علي الله.. برضك
من سكات.
عفيفي : يعني أخش؟!
نزيه
: خش.
عفيفي : اخش يا حاج؟!
نزيه
: لا إله إلا الله .. ما تخلصنا يا
راجل إنت.
عفيفي : اخش يا أستاذ عارف؟!
عارف : ما قولنالك خش .. يعني هاتخش
علي عروسة متحنية .. ما تخش تشوف
الجثة وخلصنا يا بو دراع في ليلتك اللي
زي وشك دي.
عفيفي : حاضر .. بس ما تشخوطش .. يا
ساتر .. ( متهيئا في رهبة ) سلامٌ قولا
من رب رحيم .. وحدوووه. ( يدخل مترددا )
انتم السابقون ونحن اللاحقون
.. بعد عمر طويل إن شاء الله..
نزيه : أني باقول نبلغ النقطة إننا فشلنا في التعرف
علي صاحب الجثة وهما
يتخلصوا منها بمعرفتهم.
عارف : اللي تشوفه يا حاج ..
نزيه
: ما هو ما ينفعش تبات في دواري
ليلة واحدة.. ريحتها بدأت تفوح.
عارف : ريحتها؟! .. ولا خايف لا
عفريتها يلبد في الدوار ما يخرجش؟!
نزيه
: عفريت لما يلبش جتتك .. اني برضك
اخاف من عفاريت وكلام من ده؟!
( فجاة يسمعان صرخة مدوية من الداخل –
يفزعان لأثرها – يخرج عفيفي يجر أقدامه ملتاعا في نحيب وبكاء )
عفيفي : آآآآآآه يا فواز .. آآآآه يا ضنايا ... فواز
.. ليه كده يا ابني .. ليه يا فواز؟!
عارف : فواز؟!
عفيفي : إيوه .. فواز .. ابني .. ضنايا.
نزيه
: إنت متاكد يا راجل انت؟!
عفيفي : الا متأكد .. ابني ولا يمكن
اغلط فيه ابدا .. إبني .. ضنايا..
( يجهش بالبكاء ) يا حبيبي يا فواز.. يا
حبيبي يا ابني.
يظل نزيه وعارف في دهشتهما يضربان كفا
بكف – بينما عفيفي منهار علي الأرض في بكاء وعويل حتي يسدل..
الستار
الفصل الثاني
المشهد
الأول
أمام بيت عفيفي .. بيت فلاحي من الطوب
اللبن والطين .. معرش بالبوص والقش .. علقت علي
واجهته صورة كبيرة لفواز كتب تحتها :
" بيت الشهيد فواز ابن عفيفي أبو
دراع – شهيد الثورة "..
بعض رسوم الجرافيتي علي جدران البيت
والبيوت المجاورة بجهد وموهبة متواضعة.
لافتات ثورية متناثرة هنا وهناك مثل
" الثورة مستمرة "، " عيش حرية عدالة اجتماعية "، "
الشعب يريد اسقاط النظام "، " لا للتوريث " الخ .. يتصدرها لافتة
كبيرة كتب عليها " الحاج نزيه البطاوي عضو مجلس الشعب ينعي شهيد الثورة فواز
أبو دراع " .. مراجيح منصوبة علي جانب من الطريق.
يظهر عفيفي بجلبابه المرقع ولا زال حافيا
، يجلس علي مصطبة أمام بيته تحوطه جمهرة من أهل البلد.
عفيفي : آه يا حبيبي يا فواز .. ألف
رحمة ونور عليك يا ضنايا .. هاتفوتني لمين يا
فواز؟
أصوات : شد حيلك يا عفيفي ..
ما تجمد امال يا راجل ..
ابنك بطل يا بو دراع ..
شرفنا وشرف الكفر كله ..
الله يرحمه ..
( يظهر عليوة متقدما نزيه وعارف .. عليوة
يحمل لفة تحت إبطه .. يحاول افساح الطريق أمامهم )
عليوة : وسع يا جدع انت وهوه .. اتفضل
يا حاج .. اتفضل يا سيد الناس.
نزيه
: سلام عليكم ..
الجميع : وعليكم السلام ورحمة الله ..
اتفضل يا حاج .. اتفضل.
نزيه : عامل
إيه دلوقتي يا عفيفي ؟!
عفيفي : شاكرينه وحامدين فضله يا حاج
..
عارف
: ( متملقا ) البركة فيك يا حاج .. كله من جمايلك اللي مغرقانا.. ومغرقة
الكفر كله.
نزيه : (في مباهاة أمام الأهالي ) جمايل إيه يا راجل
.. ده أقل واجب وأقل تكريم
للبطل الشهيد .. ابن بلدنا .. الفاتحة علي روحه.
( يرفع يده قارئا الفاتحة في آداء
مسرحي مبالغ فيه )
عليوة
: ( للحضور ) الفاتحة يا وله منك له.
عارف
: ( يمسح وجهه وجسده بكفيه ) آمين .. ربنا يخليك لينا يا حاج .. يا كبير
الكفر وتاج راسه.. الخارجة والمعزا كانوا آخر أبهة .. ومشهده هايفضل
يحلف بيه الكفر ميت سنة لقدام.
نزيه
: جهز نفسك يا عفيفي عشان
التلفزيون جاي يصور .. ولا هاتطلع في
التلفزيون بجلابيتك المرقعة دي؟ .. وكعابك المشققة؟
عفيفي : تلفزيون؟!
عارف : أمال إيه يا ابو دراع .. هوه
كفرنا شوية .. تلفزيون وإذاعة وجرانين
كمان .. ابنك اسمه مكتوب وصورته منورة
وسط صور الشهدا في
الجرنان أهي .. ( يفرد صفحة جريدة يلتف
الناس حوله في فضول )
أصوات : إيوه صحيح ..
دي صورة فواز ..
عفيفي : أمال ما حطوش صورتي ليه؟!
عارف : صورتك وانت حافي بجلابيتك
المرقعة دي .. انت عايز تجرسنا؟! ..
نزيه
: آني جبت لك مداس يا عفيفي .. وجلابية نضيفة عشان تلبسهم قدام
التلفزيون .. ما تديهومله ياد يا
عليوة.
عليوة
: أمرك يا سيد الناس .. (يعطيه اللفافة ) خد يا عفيفي وادعي للحاج نزيه.
عفيفي : روح يا شيخ إلهي يسترك دنيا
وآخرة .. ( يقلب في الجلباب )
يعني لو كنتوا زودتوا مترين بفتة ..
كان هايجري حاجة؟!
عليوة : احمد ربنا يا راجل انت .. هوه
انت كت لاقي؟!
عفيفي : وفيها إيه لما تكون كسوة جديدة
من برة ومن جوة؟!
عارف : الناس ليها الظاهر يا أبو دراع
.. وخلي المستخبي مستخبي .
نزيه
: ( يتجول في المكان يتامل الجدران ) وإيه الشخبطة اللي ع الحيطان دي
كمان؟!
عارف : ( متفيقها ) ده جرافيتي يا حاج.
نزيه : يعني
إيه؟! .. أعمال سفلية؟! .. ولا حجاب؟!!
عفيفي : العيال بتوع الثورة هما اللي
راسمينها يا حاج .. قالولي دي تفانين
ثورية .. عايزين يعملوا دار الشهيد
فواز مزار للسواح ..
نزيه :
سواح؟!! .. والسواح هايعرفوا طريق كفرنا منين؟!
عفيفي : من الفيك توبس.
نزيه : إيه؟!
عارف : قصده الفيب توكس يا حاج .. ماهم
عملوله صفحة ع النت عشان يعرف
العالم بكفرنا وشهيد كفرنا ..
ويحكيلهم حكايته.
نزيه : حتي انت يا حافي بقي لك في النت نايب .. ما
تبقي تعلمني البتاع ده بيتخش
له إزاي يا استاذ عارف .. بدل ما آني عامل كده زي الأطرش في الزفة.
عارف : انت تؤمر يا حاج .. حاكم محو
الأمية التكنولوجية .. بقت فرض عين علي
كل مواطن.
نزيه : أمية؟!! .. دي آخرتها يا عارف؟! .. وإيه
المراجيح دي كمان؟! .. انتوا
قلبتوها
مولد ولا إيه يا عفيفي؟!
عفيفي : وماله يا حاج .. خللي العيال
تنبسط .. واهو كله بيرزق.
عارف : ده بياخد إيجار يوم بيوم ع الأرضية يا حاج .. ما كفاهوش المكافاة
والمعاش اللي هاياخدهم م الحكومة؟!
عليوة : طاقة قدر وانفتحت له .. إوعدنا يارب.
عفيفي : صلوا عالنبي يا خويا انت وهوه .. صلوا عالنبي.
عليوة : ما تخافش يا ابو دراع .. مش هانحسدك.
نزيه : شوية
شوية ينصب لي سيرك ويجيب أراجوزات وغوازي.
عارف : وإيه المانع يا حاج .. السواح
بيحبوا الفرفشة والبهرجة .. نجيب لهم كام
حاوي علي كام غازية علي نصبتين شاي وشيشة تفاح ..
وتبقي مزار للي
عايز يزور موطن الشهيد فواز أبو دراع.
نزيه
: واني هاينوبني إيه من وجع القلب ده كله؟!
عفيفي : هاينوبك ثواب يا حاج.
نزيه
: وانت تاكلها والعة يا بو دراع؟! .. مش كده؟!
عارف : ما تنساش الفايدة الأدبية
والمعنوية يا حاج نزيه.
نزيه : والمادية ؟!.. ليه دايما بتيجوا عليا في
الماديات كأني فاتحها تكية؟ .. مش
الأرض
دي أرضي، وكل دي أملاكي؟!! ..
عارف : إيوه يا حاج .. معلوم .
نزيه
: يبقي ليا نسبة في الأرضية .. من هنا ورايح كل نصبة وكل مرجيحة وأيتها
مسمار يندق في العِب ده .. لازم يكون بتصريح
مني شخصيا.. سامع ياد يا
عليوة؟!
عليوة : علم وينفذ يا حاج.
عارف : وإيه رأيك يا حاج لما نقلب دار عفيفي
أبو دراع لمتحف نعرض فيه شوية
قلل علي شوية مشنات علي كام هدمة للشهيد
فواز الله يرحمه .. ويا سلام
بقي لو لاقيناله له كام صورة.. نعلقهم للزوار عالحيطان ..
نزيه : والله فكرة .. وأهو كله استثمار.
عفيفي : قصدكوا استحمار .. ولما
تقلبوها متحف .. اني أبات فين؟!
نزيه : انت لواحدك فرجة يا ابو دراع .. نخصصلك أوضة
تبات فيها .. أهو منها
تحرس المزار ومنها الناس تتفرج عليك.
عفيفي : والفرجة هاتبقي كده .. ببلاش؟!
عارف : في الأول بس .. بعد كده نبقي
نعملها بتذاكر ..
عفيفي : اللي تشوفوه .. آني من إيدكم
دي .. لإيدكم دي... بس ينوبني م الحب
جانب.
نزيه
: ما احنا هانربط لك شهرية.
عفيفي : ونسبة ..
عارف : نعم يا خويا؟!!
عفيفي : نسبة .. عايز شهرية .. ونسبة من
الريع .. ( ثم بآداء مفتعل ) ده الضنا
غالي يا ناس.. ولا اللي مات ده مش من
لحمي ودمي برضه؟! .. ده أني
ياما شقيت وحفيت عشان أربيه ..
واطلعه شهيد قد الدنية.
نزيه : ( في ضيق ) خلاص يا بو دراع .. هاتلم الناس
علينا الله يخرب بيتك.. وقت
الله يعين الله .. خش دلوقتي غير
هدومك قبل بتوع التلفزيون ما ييجوا.
عفيفي : مش محتاجة دِروة دي يا حاج ..
خلي البساط أحمدي.
( يفرد الجلباب الجديد ويرتديه فوق جلبابه المرقع،
ثم ينفض نعلي الحذاء بشدة ولا يرتديه بل يضعه تحت إبطه )
نزيه
: ما لبستش مداسك ليه يا راجل يا نتن؟!!
عفيفي : عشان ما يغبرش .. هابقي ألبسه
قدام التلفزيون.
عليوة : ( يصيح ويهلل بفرح ) التلفزيون
وصل يا آبا حاج .. التلفزيون وصل يا
جدعان.
( نزيه يفرد صدره ويقيم هامته متطلعا
للطريق )
نزيه
: جهز نفسك يا أستاذ عارف .. عايزينك تشرفنا بكلمتين حلوين من كلامك
المجعلص اللي ما بيتفهمش ده.
( عارف يخرج كرافت قديمة فاقعة الألوان
يرتديها حول عنقه علي جلبابه المقلم )
عارف
: جاهز يا حاج.. ما تقلقش.
( تظهر مذيعة حسناء .. يتبعها حامل
الكاميرا وخلفهما المخرج .. الأهالي يحيطون بهم في فضول )
نزيه
: يا أهلا بالتلفزيون .. يا ألف مرحبه .. ده الكفر نور والله.
عارف : اتفضلوا .. اتفضلوا .. وسع يا
وله انت وهوه .. خليهم يصوروا مزار
الشهيد فواز أبو دراع .. ابن كفرنا...
وشهيد الثورة.
نزيه
: إيوه .. وسع يا واد منك له .. خليهم يعرفوا يصوروا.. الدنيا كلها لازم
تشوف مسقط رأس شهيد الثورة .. فواز ابو دراع.
عفيفي : امال فين الأستاذ وائل
الابراشي؟!!
المذيعة : ( للمخرج ) هانصور هنا يا
استاذ، ولا هاندخل جوة؟!
نزيه : أني
باقول نخش جوة أحسن؟!
المخرج : وانت كان حد سأك ؟! .. انت
مين انت؟!
نزيه : (
بسعادة وفخر) خدامك يا سعادة الباشا .. اني الحاج نزيه البطاوي ..
عليوة
: عضو المجلس الموأر؟!
المخرج : قصدك المجلس المنحل.
نزيه : (
مصدوما ) ولزومها إيه بس السيرادي؟!
عارف : ( متطوعا ) الحاج نزيه عين
أعيان الكفر .. وعمدته أبا عن جد .. ومن
أول من تنبأوا بالثورة.. وأول من ساندها وأيدها
.. وانحاز لها منذ اللحظة
الأولي .. ده هوه اللي استقبل الشهيد
في دواره.
المخرج : ( بسخرية وتهكم ) واستقبله
بعد الشهادة بقي .. ولا قبلها؟!!
نزيه : لا وانت الصادق .. وهوه جتة مفحمة.. وآني
اللي اتكفلت بالخارجة والعزا،
واني اللي مكلف الليلة دي كلها .. وآني اللي
هاكلك انت والجرمأ اللي معاك.
المخرج : ( صارخا متجاهلا نزيه ) آكشن.
المذيعة : ما قولتش يا استاذ .. هانصور هنا .. ولا
هاندخل جوة.
المخرج : هانسجل اللقاءات هنا الأول ..
وبعدين ندخل نصور براحتنا جوة .. ونبقي
نظبطها في المونتاج .. وبعد كده نروح
دوار الحاج نزيه .. عضو المجلس
المنحل.
نزيه :
تاني؟!!
المخرج : آكشن.
المذيعة : عزيزي المشاهد .. مرحبا بيك
في حلقة جديدة من برنامجنا صباح الخير
يا ثورة.. وحلقة خاصة ومميزة من
قرية الشهيد ( تقرا من ورقة مطوية
في كفها ) فواز أبو .. أبو.. إيه؟!
عفيفي : ( يندفع ممسكا فردتي الحذاء في
يديه ) أبو دراع .. فواز عفيفي أبو دراع
يا ست مني ..
المذيعة : مني مين؟!
عفيفي : مش انتي الست مني الشاذلي؟!
المخرج : ستوب .. إيه ده؟!! .. مين
الراجل ده ؟! .. ومين اللي أذن له يتكلم؟!
وانتي .. ابقي حضري نفسك كويس قبل
التصوير يا ست مني.
المذيعة : مني مين؟!!
المخرج : انا عارف ؟!!.. آكشن.
المذيعة : عزيزي المشاهد .. اهلا بيك
في حلقة جديدة من برنامجنا .. صباح الخير
يا ثورة.. وحلقة خاصة ومميزة من قرية
الشهيد .. فواز ابو دراع ..
عفيفي : يا ست قولت لك اسمه فواز عفيفي
أبو دراع .. ولا اللي خلفه ده ملوش
ذكرعندكم؟!
المخرج : ستوب .. مين الراجل ده؟! ..
ومين اللي أذن له يتكلم؟!
عفيفي : ما تحزقش قوي كده ليطق لك عرق..
المخرج : طلعوا الراجل ده بره.
عفيفي
: برة فين؟! .. ما احنا في الهِو أهو.
عارف
: صبرك بالله يا فضيلة المخرج .. ما علش يا عفيفي .. اللي ما يعرفك
يجهلك
..
المخرج : وانت تطلع إيه انت كمان؟!
عارف
: أني الأستاذ عارف .. ناشط سياسي .. وفقيه برلماني .. وخبير في
الشؤون النيابية.
المخرج : خدي منه حوار خلينا نخلص من
أم الليلة دي.
المذيعة : أنهو فيهم ؟! .. ابو كرافتة
ولا أبو قبقاب؟!
عفيفي : اني الأول .. آني ابو الشهيد
.. يعني صاحب الليلة دي كلها.. وآدي
المداس اللي مزعلكم ..( يلقيه خلف ظهره)
نزيه
: آه يا جعر ..
المذيعة : طب إلبس القبقاب.
عفيفي
: دي بُلغة مش قبقاب .. وبعدين إنتوا لازم تصوروني من ساسي لراسي؟!
ما كفاية عليكو النص الفوقاني ..
وسيبوا التحتاني في حاله.
نزيه
: إلهي يكسفك يا بعيد.
المخرج : آكشن.
المذيعة : ومعانا أبو الشهيد ..
هايعرفنا بنفسه ويكلمنا عن ملابسات استشهاد ابنه
.. اتفضل.
عفيفي : بسم الله الرحمن الرحيم .. آني
اسمي عفيفي أبو دراع الحافي .. ابو فواز
.. شهيد الثورة .. ربيته من صغره علي
الشهادة .. حرمت نفسي من الزاد
والزواد عشان أربيه.. واترملت عليه
وآني في عز شبابي وما رضيتش
أدخل عليه مرات أب تذل فيه وتمرمطه ..
زرعت فيه الشهامة والرجولة
من صغره.. كان قلبي حاسس إنه هايبقي
بطل في يوم من الأيام.
المذيعة : احكيلنا يا حاج حافي عن ظروف
استشهاده.
عفيفي
: كان في الصفوف القدمانية .. راس حربة يعني .. هجم عليهم بحصانه ولا
أبو زيد في زمانه.
المخرج : ستوب .. حصان إيه يا راجل
انت؟!! .. هوه كان بيحارب أيام الهجرة؟!
عفيفي : نمشيها دبابة؟!
المخرج : انت ما تعرفش ابنك مات إزاي؟!
عفيفي : وأني ايش عرفني .. اني استلمت
جتته متفحمة .. مالحقتش اسأله مات
ازاي.
المخرج : يبقي تقول إنك ما تعرفش .. مش
عيب ولا حرام .. قول ما اعرفش .. يا
إما قسما عظما ألغي الحلقة دي خالص.
عفيفي : طيب .. بس هدي خولقك علينا شوية.
المخرج : آكشن.
المذيعة : احكيلنا عن ظروف استشهاد
ابنك يا حاج حافي.
عفيفي
: ما اعرفش.
المذيعة : طيب جالك الخبر إزاي؟!
عفيفي
: ما اعرفش.
المذيعة : طيب كان شعورك إيه لما جالك
الخبر.
عفيفي
: وغلاوتك عندي ما اعرف.
المذيعة : طيب تحب تقول لروح الشهيد إيه
في نهاية حلقتنا النهاردة؟!
عفيفي : ما اعرفش.. إسألي فضيلة المخرج.
المخرج : ستوب.. كفاية كده .. شوفيلنا
حد تاني يعرف يتكلم .. خلينا نخلص.
المذيعة : ناخد ابو كرافتة؟!
المخرج : وماله.
نزيه
: وآني ؟! .. هاتخلوني للآخر؟! .. دي أصول برضك؟!
المخرج : ما تخافش يا حاج .. هانصور
معاك في الدوار .. بس بعد الغدا.
نزيه
: بيتكم ومطرحكم .. ده انتو تشرفوا.
المخرج : آكشن.
المذيعة : ممكن نتعرف بحضرتك؟!
عارف
: أني الأستاذ عارف .. مدرس اول بمدرسة الكفر الإبتدائية .. ورائد التنوير
في الكفر.
المذيعة : مش فاهمة .. يعني إيه رائد
التنوير دي؟!!
عارف
: فاتح فصول محو امية .. بالجهود الذاتية مساهمة مني كناشط سياسي
وخبير في النواحي التعليمية.. لحل
أزمة الجهل بعيد عنك.. حاكم هما تلات
بلاوي .. لو قضينا عليهم .. البلد دي
هايتصلح حالها.
المذيعة : عارفاهم .. الفقر والجهل
والمرض.
عارف
: لأ .. ده كان زمان .. قبل الثورة .. إنما دلوقتي بقي فيه كلام تاني خالص.
لازم الأول نقضي علي الفلول وعلي الطرف
التالت وعالثورة المضادة..
لو
قضينا علي التلاتة دول .. إن شاء الله .. بلدنا هاتبقي أحسن من ساحل
العاج.
المذيعة : ايشمعني ساحل العاج؟!
عارف
: دولة أفريقية شقيقة .. بتنافسنا في كاس الأمم.
المذيعة : طيب شكرا يا استاذ عارف..
عارف : طب قبل ما تنهي معايا الحوار
النخبوي ده .. احب أستنهزها فرصة وادعو
كل السادة المشاهدين .. والسادة السواح
.. والزملا من النشطاء السياسين
والنخب الثورية لزيارة المتحف المقام في
دار شهيد الثورة فواز أبو دراع
ابن بلدنا وخيرة شباب الثورة .. في
احتفالية شعبية محلية يحي لياليها
شعراء وادباء الكفر اللي طفحوا زي
المجاري بعد الثورة .. ويقام علي
هامش الاحتفالية المقامة ندوات وصالونات وحلقات
نقاشية وحوارية ..
إيوه .. مش هانكون يعني اقل من برامج التوكتوك
شوب .. وانتهز هذه
الفرصة واتقدم بوافر الشكر وجزيل العرفان لأسرة
البرنامج .. وكل الجنود
المجهولين اللي ورا الكاميرا .. من فضيلة المخرج
لحد الواد اللي شايل السلك
بتاع الفيديو.
المذيعة : بس الكاميرا وايرلس.
عارف : ونشكر الخواجة اللي ور اللص
كمان ( يقصد الوايرلس ).
المخرج : ستوب .. كفاية كده .. عايزين
ندخل ناخد كام شوت جوه بيت الشهيد.
نزيه : قصدك المزار يا أستاذ.. ويا ريت تصوروا
المراجيح .. وشوية الشخبطة
اللي عالحيطان دي كمان ..
عارف : الجرافيتي يا حاج.
عليوة
: وآني كمان عايز اصور.
نزيه
: قول لهم يعملولنا شوية فرفشة كده يا أستاذ عارف .. عايزين نشجع
السياحة في الكفر.. عايزين نعمل شغل
للمزار ونعمل صيت لشهيد بلدنا.
عارف : بس كده .. أمرك يا حاج .. ادخل
بالتنورة يا وله .. زعروته يا بت منك
ليها.. اتلحلح يا واد منك له ..
عايزينها تبقي ليلة.
المخرج : صور يا ابني صور.. مش عايزك
تفوت ولا تفصيلة .. دي حاجة حلوة
خالص... آكشن.
تبدأ إحتفالية شعبية كبيرة بالتنورة
وبعض الرقصات الشعبية الريفية حسب رؤية المخرج .. الجميع في بهجة وسرور والمخرج
يتابع في اهتمام والمصور يصور كل شيء ..
ينتهي الاستعراض .. ويسود
إظلام
المشهد
الثاني
نفس المنظر السابق..
عفيفي يقف علي باب داره وأمامه طابور
من الزوار ينتظرون دورهم لدخول الدار .. بينهم بعض الأجانب والأغراب.. عفيفي يحصل
منهم نقود ويضعها في صندوق أمامه.. عاد لارتداء جلبابه المرقع.
عفيفي : الدخول بجنيه .. وان باوند ..
او دولار .. كله يمشي .. انت دفعت يا
خواجة؟ .. وان باوند.. لأ .. انت
بنفرين .. عشان الكاميرا .. والفيديو
بخمسة باوند..
( أحد الأجانب يقوم بتصويره)
عفيفي : لأ .. نو تصاوير .. نو تصاوير يا
خواجة .. الصورة باتنين باوند .. وفيه
صور جاهزة ومتحمضة بالألوان..
( تظهر أزهار تقترب من عفيفي في تردد )
أزهار : العواف يا آبا عفيفي .
عفيفي : برضك هاتقول لي يا آبا.. يا
فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ..عايزة تخشي
تتفرجي؟.. التذكرة لأهل البلد بربع جنيه..
والتصويرة ببلاش.. بس يا
خسارة التصاوير خلصت.
أزهار
: أني كت عايزاك في كلمتين.
عفيفي : اني مش فاضيلك دلوقتي .. عدي
عليا بكرة .. ولا بعده .. ولا اقولك ..
ياريت تشليني من دماغك خالص.
أزهار : هما كلمتين ورد غطاهم يا آبا
عفيفي ..
عفيفي : تاني هاتقول لي يا آبا .. أكونش
يا بت خلفتك ونسيتك؟!
أزهار : أكتر يا آبا عفيفي .. أني
جوايا حتة من لحمك ومن دمك.
عفيفي : إيه؟!! .. انتي بتخرفي تقولي
إيه يا بت؟!!
أزهار : أني حامل من فواز يا آبا عفيفي
..
عفيفي : لأ .. انتي اكيد اتجنيتي ولا
جري لعقلك حاجة!!
أزهار : هوه ده اللي حصل.
عفيفي : انتي جاية تتبلي عليا وعلي
ابني اللي في ايدين ربنا؟! .. روحي شوفي
مين الوسخ اللي غواكي.
ازهار : كان ناوي يكتب عليا .. لولا
أجله سبق مشوارنا للمأذون.
عفيفي : ( متهكما ) هه .. كان ناوي!!
( تهوي علي قدميه )
ازهار : أني في عرضك يا آبا عفيفي ..
أبوس إيدك استر عليا.
عفيفي : وابوكي وامك دريوا بالكلام
ده؟!
ازهار
: دول كانوا دبحوني.
عفيفي : قومي يا بت اخفي من هنا .. ومش
عايز أشوف خلقتك هنا تاني ..
أزهار
: أبوس إيدك يا ابا عفيفي.
عفيفي : قومي يا بت جاك بو .. أني ابني
الشهيد كان مثال للشرف والنضافة ..
روحي ارمي بلاكي في حتة تانية .. مش
ناقصين نجاسة.
ازهار : آني عارفة إن آني خاطية .. بس
ربنا بيغفر يا عالم..
عفيفي : ربنا .. وآني مش ربنا .. اني
عفيفي أبو دراع .. غوري بقه بدل ما الم
عليكي أهل الكفر .. واخليهم يجرجروكي من صداغك..
ويقطعوكي لكلاب
السكك تنهش في لحمك النجس .. حتي
الكلاب يمكن تقرف تقرب لك.
( يبصق عليها ويتركها في انكسارها
وهزيمتها .. يلتفت إلي أحد الزوار )
عفيفي : وان باوند يا خواجة .. التذكرة
بوان باوند .. والتصويرة باتنين باوند ..
( إظلام تدريجي ليختفي الجميع من
المشهد ولا تبقي سوي ازهار في بؤرة مضيئة بلون الدم مسلطة عليها )
أزهار : عارفة إن أني خاطية .. وبالعن
الشيطان اللي غواني .. وبالعن الساعة
اللي سلمت له نفسي فيها .. وباتمني
الموت كل يوم بدل المرة ألف .. لكن
خوفي منك يا رب حايشني .. كل ما أفكر
أموت نفسي .. أفتكر الروح اللي
شايلاها في حشايا .. كده الذنب هايبقي ذنبين
.. اني مش هايبة الموت ولا
خايفة منه .. خوفي من عيون الناس
ولسنتهم أكبر بكتير .. بس خوفي من
لقاك يا رب أكتر .. أني عارفة انك ممكن
تسامحني .. بس مكسوفة منك ..
وانت عارف إني مليش غيرك ألجأ له .. عيون الناس نار بتنهش في لحمي ..
ولسنتهم سكين حامي بيقطع في جتتي .. انت ممكن تسامحني وتغفر لي رغم
انك عارف إن آني خاطية .. بس هما عمرهم
ما هايسامحوني ولا هايسبوني
في حالي حتي لو عرفوا إن آني مظلومة..
احميني منهم يارب .. نجيني من
قساوة عيونهم وسواد قلوبهم.. يا إما
تاخدني عندك وتريحني .. يارب ..
مليش غيرك .. مليش غيرك أرمي حملي علي
بابه.. يارب .. يا رب..
( تنهار في بكاء جارف.. ينتفض له جسدها
)
إظلام
المشهد
الثالث
نفس المنظر السابق أمام بيت عفيفي ..
الوقت ليلا ..
عفيفي يحصي ما جمعه من نقود طوال اليوم
ويقسم مع عليوة الذي يحتضن الصندوق ويجلس علي المصطبة ..
عفيفي : عد يا واد يا عليوة تاني ..
حاسس إن احنا اتلخبطنا في العد يا وله .
عليوة : وبعدهالك يا أبو دراع ؟!.. دي
رابع مرة نعد الفلوس وتطلع مظبوطة ..
خلصني بقي عشان ألحق اروح أورد للحاج
نزيه نصيبه من حصيلة
النهاردة .
عفيفي : طب استني لما اخصم نسبتي الاول.
عليوة
: اخصم يا خويا اخصم .. وآني ما ينوبني غير المشورة .. وشيلة الصندوق
علي حيلي رايح جاي .. لحد ما وسطي انحش.
عفيفي
: إهه .. يعني الحاج نزيه ما بيحليش بقك يا وله؟!
عليوة
: ما هو بيقسم هوه راخر مع الأستاذ عارف ..
عفيفي : عارف ده هوه اللي واكلها والعة
.. لا له في التور ولا في الطحين بس
بيلهط ع الجاهز.
عليوة
: ما انت راخر باضت لك في القفص يا حافي..
عفيفي : انت هاتقر عليا يا بن ستوتة؟ ..
طب قوم فز عشان تلحق تروح للحاج بدل
ما يستعوقك.. ويفتكرك بتخنصر من وراه
في السكة.
عليوة : ما انت اللي عطلتني بوسوستك دي
.. هات خليني امشي .. سلام عليكم.
( يحمل الصندوق وينصرف - عفيفي يعد النقود مرة اخري ثم يدسها تحت إحدي
رقع جلبابه بحرص شديد )
عفيفي : الجلابية ما بقتش مستحملة ترقيع .. الفلوس بدأت
تتقلها علي جتتي ..
نبقي نشيلها مع اخواتها اللي سبقوها
ونرقع واحدة جديدة .. ما علش..
لاجل الورد يتسقي العليق .. ولأجل
الفكة تترقع الجلاليب..
( يتامل صورة فواز المعلقة اعلي الدار
)
عفيفي : ( في صدق ) لله يرحمك يا فواز
.. صحيح كنت تاعب قلبي وقارفني وانت
عايش .. إنما موتك كان سبب سعدي وهنايا
.. الظاهر إني كنت ظالمك يا
ابن نفيسة!! .. بس تصدق يا د يا فواز .. بدأت أحن لك يا وله ..
واشتقت
لمناكفتك وطولة لسانك .. ويتهيالي إني
باسمع صوتك بيدندن في وداني ..
صحيح يا ناس .. الضنا غالي .. والدم
عمره ما يبقي مية ..
( يبكي ) يا حبيبي يا فواز.. إيه ده؟! .. ده آني باعيط بجد !! .. ما كنتش
اصدق انه ييجي يوم أعيط عليك يا فواز بحق
وحقيقي .. آه يا فواز .. يا
حبيبي يا ابني.
( فجاة يظهر فواز ملثما من قلب الظلام
.. يفاجيء عفيفي الذي يصاب بالفزع )
فواز
: آبا؟! .. يا حبيبي يا آبا.
عفيفي : بسم الله الرحمن الرحيم ..
سلامٌ قولا من رب رحيم..
فواز
: أني فواز يا آبا .. آبا.
عفيفي : انصرف .. انصرف بسلام .. يجعل
كلامنا خفيف عليكم .. أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم.
فواز
: يا آبا أني فواز .. ابنك.
عفيفي : ابني مات وشبع موت.
فواز
: يا آبا أني قدامك أهه بشحمي ولحمي ..
عفيفي : امال اللي دفناه ده يطلع مين؟!
فواز
: وأني ايش عرفني .. اسال روحك يا بو دراع.
عفيفي : لأ .. أني اكيد بيستهيألي ..
ولا باحلم .. ولا حصلت لي لوثة من كتر ما
بحلقت في صورة المرحوم.
فواز
: مرحوم إيه يا آبا !! .. ما أني قدامك أهه .. انت بس الل كنت مستعجل علي
موتي.
عفيفي : يعني انت لسه عايش يا بن
نفيسة؟!! ..
فواز
: ولفيت لفيت ورجعت لك تاني زي العمل الرضي.
عفيفي : لا .. لا .. مش ممكن .. والجثة
.. والشهيد .. والمزار .. لأ .. فواز ابني
مات وشبع موت..
فواز
: ما تضحكش علي روحك يا أبا .. انت عارف كويس إن الجتة اللي دفنتها
مش بتاعتي .. ولو كدبت ع الناس كلها ..
مش هاتكدب علي روحك.
عفيفي : ( باصرار ) فواز ابني مات وشبع
موت.
فواز
: وانا ابقي مين لما يكون فواز
مات؟!
عفيفي : تكون زي ما تكون .. عفريت ولا
شيطان .. ولا حتي جن مصور.. أني
ابني دفنته بإيديا دول وخدت عزاه ..
والكفر كله يشهد بكدة.
فواز
: بس آني عايش يا آبا .. وكلها كام ساعة والنهار يشقشق والكفر كله
يشوفني .. والمستخبي يبان.
عفيفي : ومين قالك أن النهار ها يطلع
عليك تاني يا فواز؟!
فواز : إيه .. هاتموتني يا آبا؟!!
عفيفي : ما انت كده كده ميت.
فواز : موتني مرة بالكدب وتاجرت بموتي .. دلوقتي
عايز تقتلني بجد يا ابا؟!
عفيفي : في بلدنا مفيش حد بيندفن
مرتين.. الناس كلها عارفة انك مت وشبعت
موت .. وبقيت في نظرهم بطل وشهيد
كمان.. حتي لو شافو جثتك بتاكلها
كلاب السكك مش هايصدقو عيونهم ..
لأنهم مش عايزين يفوقوا من
الأملة اللي بقوا فيها .. بلدنا بقت
مزار ولها قيمة بسبب موتك يا فواز ..
ورجوعك تاني هايخرب بيوت ياما ..
وهايخلي بلدنا فرجة ومشمتة للي
يسوي واللي ما يسواش.
فواز : بس الحقيقة إن أني لسه عايش ..
وإن أني عمري في حياتي ما كنت بطل
ولا هابقي بطل .. بالعكس .. ده اني كنت
طول عمري ندل وجبان وباستسهل
واختار السكة السالكة حتي لو كانت في الغلط
.. وانت اللي عملت فيا كده
ببخلك وموتك ع القرش ولهفتك
عالدنيا المنفاتة .. ماعرفش إزاي الناس
صدقت إن ابن عفيفي الحافي ممكن في يوم من
الأيام يكون بطل ولا فارس
زي بتوع الحواديت؟!
عفيفي : أهي دي الحاجة الوحيدة اللي
صدقوها بالساهل ..
فواز : إزاي؟!
عفيفي : زي ما آني مصدق إنك واقف قدامي
دلوقت.
فواز
: آني هاروح للحاج نزيه وأفهمه
علي كل حاجة .
عفيفي
: ( بقسوة ) يبقي قصرت عليا
المشوار .. نزيه لو شافك هايطخك عيارين
ويخلص منك.
فواز : يطخني؟!! .. ليه؟! .. ما هو
عارف إني كنت مع رجالته في مصر .. وان
عمري ما كان ليا في السياسة .. ولا عمري روحت
ميدان التحرير.
عفيفي : ويطلع كداب هوه راخر قدام
الناس دي كلها؟! .. ويتحرم من نصيبه
اللي بيروحله ليلاتي من ريع المزار؟!
فواز
: مزار؟!!
عفيفي : إيوه .. مزار شهيد الثورة ..
فواز ابو دراع .. الله يرحمه .. ويتقبله مع
الشهدا.
( يشير لصورة فواز المعلقة أعلي الدار )
فواز
: قسمت معاه يا آبا؟! .. ودفنتوني بالحيا؟!
( تتصاعد موسيقي عنيفة تعبر عن صراع
الحياة والموت يتخللها الحوار)
عفيفي : ( يخاطب الصورة ) الله يرحمك
يا فواز .. الف رحمة ونور عليك يا ضنايا.
فواز
: بس آني حي يا آبا .. آني لسه حي.
عفيفي : أحياء عند ربهم يرزقون.
فواز
: آني لسه عايش يا آبا .. لسه عايش.
عفيفي : طيفك مش هايغيب عن الكفر ..
هاتفضل عايش في قلوب ناسه الطيبين.
فواز
: ناسه الطيبين اللي عايزين يموتوني بالحيا؟!
عفيفي : هاتفضل عايش طول ما الناس
مصدقة انك بطل.
فواز
: وتفيد بإيه حياتي جوه عقول وقلوب مضحوك عليها؟! .. اني عايز اعيش
حياتي زي بقيت مخاليق ربنا.
عفيفي : عيشها بعيد عننا .. حد كان
ضربك علي إيدك وقال لك ارجع؟!
فواز
: كنت فاكركم هاتفرحوا برجوعي.
عفيفي : صدقني .. موتك ريح ناس كتير ..
أولهم انت .. اسمع يا فواز .. لأول مرة
وآخر مرة تسمع من أبوك نصيحة .. روح
لحال سبيلك .. عيش زي ماانت
عايز تعيش .. مطرح ما انت عايز .. بس بعيد عن
هنا .. وسيب الناس
فرحانة زي ما هيه .. بالبطل .. الشهيد .. ابن
بلدهم .. اللي عملهم قيمة.
فواز
: بالكدب يا آبا؟!
عفيفي : يووووه .. احنا اخترنالك تعيش بطل
.. وانت لسه بتزن علي موتك؟!
قلت لك روح مطرح ما كنت .. اني ابني
مات وشبع موت .. هانعمل إيه
برجوعك يا خايب الرجا؟! .. امشي من
هنا قبل ما حد من شياطين الليل
يشوفك ولا يشم خبرك .. لتم وشك واختفي
زي ما جيت .. اني ابني مات
ومش راجع تاني .. فاهم؟! .. مش راجع
تاني ..لأن ما حدش عايزه يرجع.
افهم بأه .. وريح روحك وريحنا .. فواز مات وشبع
موت.. واللي مات في
بلدنا ما بيندفنش مرتين.
( يتركه وينصرف مرددا آخر جملة .. يبقي
فواز حائرا لحظات.. ثم يلثم وجهه من جديد وينصرف
ببطء مغادرا وسط إظلام تدريجي ..
حتي يبتلعه الـ
إظلام
المشهد
الرابع
نفس المنظر في المشهد الأول من الفصل
الأول .. علي مشارف القرية.
أزهار
وحيدة وسط الليل ..
أزهار : سامحني يا رب .. كل السكك
انسدت في وشي .. ما فاضلش غير سكة
الموت .. أوالفضيحة .. وآني مش حمل الفضيحة .. ولا قد شماتة الناس
وقساوة قلوبهم.. كل يوم بيعدي عليا كأني
واقفة علي قضبان قطر طايش ..
مستنياه ييجي ياخدني في سكته.. وآني
واقفة عاجزة وكاتمة صرختي في
جوفي وراضية بقضايا .. سامحني يا رب .. مش
لاقية سكة غير سكة
الموت .. ولا حضن أهون عليا .. من حض عزرائيل..
(
تقترب من شط الترعة )
أزهار : هارمي نفسي في الترعة .. ميتها
زايدة الليلادي .. والجنية لابدة في
قعرها .. مستنية أمد خطوة ولا اتنين .. وهيه تمد إيدها وتسحبني في
حضنها .. ( تقترب أكثر ) سامحني يا رب ..
سامحني يا أحن عليا من
قلوب مخاليقك.
( يظهر فواز
ملثما يفاجأ بها .. يهتف )
فواز : أزهار!!
أزهار : ( كالحالمة ) هه .. كاني سامعة صوته !! .. فواز؟! ..
فواز : أيوه يا أزهار .. فواز.
ازهار : إوعي تقول أنك جاي تاخدني؟!
فواز
: هاترضي تيجي معايا يا أزهار ؟!
ازهار
: إيوه .. بس آني خاطية .. وانت هناك مع الشهدا والأنبيا.
فواز
: هناك فين يا بت؟!
ازهار : في الجنة.
فواز : جنة إيه يا عبيطة؟ .. اني لسه
عايش.
أزهار : عايش؟!! ..
فواز
: إيوه يا بت .. تحبي أقرصك ولا ازغزك عشان تصدقي!!
أزهار : ( في دهشة غير مصدقة ) عايش؟!
.. عايش؟!!
( ثم تهجم عليه في انفعال )
أزهار
: آه يا ندل يا واطي يا ابن الحافي .. دي عملة تعملها فيا؟! .. ده أني كنت
هارمي روحي في الترعة عشان احصلك ..
آه يا فواز .. ( تبكي بحرقة )
فواز
: حقك عليا يا ازهار .. حقك عليا.
أزهار : ( تتحسس جسده غير
مصدقة ) يعني انت ما متش بجد؟!
فواز
: ما اني قدامك أهو يا بت .. بشحمي ولحمي .. صاغ سليم أربعة وعشرين
قيراط.
أزهار : والجتة؟! .. والجنازة؟! .. والمعزا
؟! .. والمزار؟!
فواز
: دي حكاية طويلة .. مش وقتها دلوقتي.. واني ما قداميش غيرسواد الليل
وامشي.
ازهار : تمشي؟! .. تمشي تروح فين؟!
فواز
: والله ما أني عارف ..
أزهار
: وتسيبني تاني يا فواز؟!
فواز
: غصب عني يا أزهار ..
أزهار
: النوبادي مش هاسيبك .. رجلي علي رجلك.
فواز
: بس الناس فاكرة إن أني ميت.
أزهار : ويعني اني من غيرك كت عايشة؟!
فواز
: ( يتأملها وهلة ثم فجاة ) تتجوزيني يا بت؟!
أزهار : ( غير مصدقة ) إيه؟!
فواز
: هاكتب عليكي ..
ازهار : بجد يا فواز؟!
فواز
: ونعيش في أي كفر تاني ..
ازهار : ( بسعادة غامرة ) موافقة..
فواز : ( مسترسلا ) زي أي راجل ومراته
..
أزهار : موافقة
فواز
: علي سنة الله ورسوله ..
أزهار : موافقة ..
فواز : ورزقي ورزقك علي الله.
أزهار : ومستني إيه .. يلا بينا يا
راجلي .. يا بو عيالي ..
فواز : يلا يا أزهار ..
( يهمان بالخروج .. يفاجئان بربيع
ومرزوق )
ربيع
: فواز..
فواز
: ربيع؟!
مرزوق : كنت فاكر الموت هاينجيك مننا
يا ابن أبو دراع؟!
فواز
: ابعد عن سكتي أنت وهوه.
ربيع
: عامل نفسك بطل يا بن الحافي؟!
فواز
: أبويا عندكم .. روحوا اسألوه ..
مرزوق : روحناله ياما .. ما خدناش منه
حق ولا باطل.
ربيع
: حقنا معاك انت.
فواز
: واني ما حلتيش حاجة ..
مرزوق : هانفضحك في الكفر كله انت
وابوك.
فواز : برضه مش هاتطولوا حاجة ..
شيلوني من دماغكم أحسن.. يلا يا أزهار.
ربيع : ( يخرج مطواة ) استني انت وهيه
..
فواز : اقصر الشر يا ربيع السلاح يطول.
ربيع
: مش هاسيبك إلا اماخد حقي .
فواز
: قلت لك ما معيش حاجة ..
ربيع : لأ .. معاك .. ازهار.
فواز
: قصدك إيه؟!
ربيع
: سيب لنا البت دي.
فواز
: إيه؟!
أزهار : انت اتهبلت يا ربيع؟!
مرزوق : إيه اللي انت بتقوله ده يا
ربيع؟! .. ما اتفقناش علي كده.
ربيع
: أني مش عايز فلوس .. بس البت دي لازماني .
فواز
: ده بعينك يا ربيع .. اهربي يا
ازهار.. اهربي.
(
أزهار تحاول الهرب .. بينما يهجم فواز علي ربيع )
ربيع : امسكها يا مرزوق .. ما تسيبهاش
تهرب منك.
( مرزوق يهجم علي أزهار ويتهجم عليها
في عنف بينما فواز في عراك مع ربيع )
أزهار : ( صارخة ) إلحقني يا فواز ..
فواز
: عيب اللي بتعمله ده يا ربيع.
ربيع : سيبهالنا ليلة .. وابقي اشبع
بيها بعد كدة.
فواز
: إخص علي دي صحوبية.
مرزوق : دلوقتي عاملالي فيها خضرة
الشريفة ؟!
أزهار
: إلحقني يا فواز ..
فواز
: لو لمستوا شعرة منها هاجيب أجلكم
انتوا الجوز ..
ربيع
: لأ راجل يا ابن ابو دراع .. طب خد..
( ربيع يطعن فواز في مقتل وسط دهشة
وفزع مرزوق وأزهار .. يهوي فواز علي الأرض بعد أن يطلق صرخة مدوية ..)
فواز : آآآه .. ليه؟! .. ليه كده يا
ربيع؟! ..
أزهار : فواز ؟!!
فواز : اهربي .. اهربي يا أزهار ..
مرزوق : ايه اللي انت هببته ده يا
ربيع؟!
ربيع
: يلا بينا من هنا.. احنا مانعرفش حاجة .. مالناش دعوة.
مرزوق : وفواز؟!
ربيع : فواز مات واندفن من زمان .. وإياك تفتح بقك
بكلمة .. يلا فوت قدامي.
( يخرجان بسرعة ..بينما تظل أزهار
بالقرب من جسد فواز الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة )
أزهار : فواز .. رد عليا .. كلمني ..
فواز : أزهار ..
ازهار : عايز تسيبني تاني يا فواز ؟!
فواز : غصب عني يا ازهار .. بس المرة دي باينها
بحق وحقيقي.
ازهار : لأ يا فواز .. ده آني ما صدقت
ترجعلي تاني ..
فواز : اهربي .. اهربي يا أزهار .. اني
كده كده مكتوب عليا الموت.
أزهار : مش هاسيبك يا فواز .. هاندفن
معاك.
فواز : ومين قالك إنهم هايدفنوني ؟! ..
اللي بيموت في البلد دي .. ما بيندفنش
مرتين..
أزهار : فواز !!
فواز : سامحيني .. سامحيني يا أزهار ..
كل مرة اوعدك .. وما الحقش اكتب
عليكي .. بس المرادي خلاص .. ملهاش
راجعة ..
حافظي عاللي في بطنك يا أزهار. ( يموت )
أزهار : ( تنكفيء عليه نائحة ) فواز
... فواز .. فواز ..
يتجمد المشهد حتي يسدل
ستار الختام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق